الحاصلة لكم ، ثم بين هود عليهالسلام ما أعطاهم الله تعالى فقال : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (١٣٤) فأنتم تنتفعون بذلك كله فلا تغفلوا عن تقييده بالشكر ، (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) إن لم تقوموا بشكر هذه النعم (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٣٥) في الدنيا والآخرة فإن كفران النعم مستتبع للعذاب. (قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) (١٣٦) فإنا لن نرجع عما نحن فيه لأجل وعظك إيانا (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) (١٣٧).
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة بضم الخاء واللام ، أي ما هذا الذي جئنا به من الكذب إلا عادة الأولين كانوا يسطرونه أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا عادة آبائنا الأولين يدينون به ونحن بهم مقتدون أو ما هذا الذي نحن عليه من الموت والحياة والبلاء والعافية ، ومن اعتقاد أن لا بعث ولا حساب ، ولا جزاء إلا عادة قديمة لم يزل الناس عليها من قديم الدهر. وقرأ الباقون بفتح الخاء وسكون اللام ، أي ما هذا الذي جئت به إلا كذب الأولين ، وما خلقنا هذا إلا خلق الأمم الماضية نحيا كحياتهم ونموت كمماتهم ولا بعث ولا حساب (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (١٣٨) على ما نحن عليه من الأعمال كما تقول (فَكَذَّبُوهُ) في وعيده بالعذاب ، (فَأَهْلَكْناهُمْ) بريح باردة شديدة الصوت (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإهلاك (لَآيَةً) أي لعبرة لمن بعدهم ، (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أي وما صار أكثر هؤلاء الذين سمعوا قصتهم من قوم محمد صلىاللهعليهوسلم (مُؤْمِنِينَ) (١٣٩) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) أي الغالب على ما يريده من انتقام المكذبين (الرَّحِيمُ) (١٤٠) أي المبالغ في الرحمة ، ولذلك يمهلهم بعدم إيمانهم لحكمة يعلمها (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) (١٤١) أي كذبت جماعة صالح صالحا. فثمود اسم قبيلة صالح سميت باسم أبيها وهو ثمود جد صالح ، وعاش صالح من العمر مائتين وثمانين سنة وبينه وبين هود مائة سنة ، (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ) في نسب نبيهم (صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (١٤٢) الله (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ) من الله (أَمِينٌ) (١٤٣) في جميع ما أرسلت به إليكم منه (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (١٤٤) أي اتبعوا ديني وأمري ، (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي على ما جئتكم به (مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٤٥) وليعلم كافة الناس أن من عمل لله لا ينبغي أن يطلب من غير الله ، وينبغي للعلماء أن يتأدبوا بآداب الأنبياء فلا يطلبوا من الناس شيئا في بث علومهم ، ولا ينتفعوا منهم بالتذكير لهم ، ومن انتفع من المستمعين من الدين فلا بركة فيما يأخذ منهم. (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ) (١٤٦) أي أتظنون أنكم تتركون في الدنيا آمنين من العذاب ، وأنه لا دار للمجازاة أي لا ينبغي لكم أن تعتقدوا أنكم تتقلبون في النعم التي في دياركم آمنين من الزوال والعذاب فلا تطمعوا في ذلك ، ثم فسر المكان بقوله : (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) (١٤٨) أي لطيف لين والطلع ثمر النخل في أول ما يطلع وبعده يسمى خلالا ، ثم بلحا ، ثم بسرا ، ثم رطبا ، ثم تمرا. (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) (١٤٩).
وقرأ ابن عامر والكوفيون بألف بعد الفاء أي ماهرين في العمل ويعملون بنشاط وطيب