بحرف التنبيه ، و «من» شرطية وجوابها «فإني غفور رحيم». (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) أي في إبطك ـ وكان له عليهالسلام مدرعة صوف لا كم لها ـ (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) لها إشراق (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) أي آفة (فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) وقوله : (فِي تِسْعِ) متعلق بمحذوف حال أخرى من ضمير «تخرج» ، أي حال كون اليد مندرجة في جملة تسع آيات. وقوله : (إِلى فِرْعَوْنَ) متعلق بمحذوف حال من فاعل أدخل أي حال كونك مرسلا بها إلى فرعون والظاهر أن قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ) متعلق بمحذوف حال من فاعل ألق وأدخل وإن قوله : (فِي تِسْعِ) متعلق بمحذوف حال من مفعولهما ، أي ألق وأدخل ، أي حال كون العصا واليد مع جملة الآيات التسع ، فإن الآيات إحدى عشرة : العصا واليد والفلق ، والطوفان والجراد ، والقمل والضفادع ، والدم والطمسة ، والجدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم ، وحال كونك مبعوثا إلى فرعون والقبط. (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (١٢) أي خارجين من ربقة الانقياد لأمري والعبودية لألوهيتي (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا) على يد موسى عليهالسلام (مُبْصِرَةً) كل من ينظر إليها ويتأمل فيها ، هادية إلى الطريق الأقوم.
وقرأ علي بن الحسين وقتادة مبصرة بفتح الميم ، والصاد أي مكانا يكثر فيه التبصر. (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١٣) أي هذا الذي أتى به موسى خيال لا حقيقة له ، واضح في أنه خيال (وَجَحَدُوا بِها) أي كذبوا بتلك الآيات بألسنتهم (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) أي وقد علمتها قلوبهم علما يقينا أنها حق. (ظُلْماً وَعُلُوًّا) حال أخرى من الواو في جحدوا ، أو علة للجحد ، أي ظالمين للآيات حيث سموها سحرا وحطوها في رتبتها الرفيعة ، ومترفعين عن الإيمان بها أو جحدوا بها للظلم للآيات وللتكبر عنها. وقرئ «عليا» ، و «عليا» بالضم والكسر كما قرئ «عتيا» (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٤) من إغراقهم في البحر على الوجه الهائل الذي هو عبرة للعالمين. (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) أي أعطينا كل واحد منهما جزءا من العلم لائقا به من علم الحكم والسياسة ومختصا به كعلم داود صنعة لبوس ، وتسبيح الجبال ، والطير ، وعلم سليمان سائر نطق الطير والدواب. (وَقالا) شكرا لما أعطيناه من العلم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا) بما أعطانا من العلم (عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٥) ممن لم يؤت علما مثل علمنا. وفي هذا دليل على فضل العلم وشرف أهله ، وتحريض للعالم بأن يحمد الله تعالى على ما أعطاه من العلم ، ويعتقد أنه قد فضل عليه كثير وإن فضل على كثير فلا يفتخر ولا يتكبر وإن يشكر الله تعالى في أنه ينفع بعلمه المسلمين ، (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) أي ملكه بأن قام مقامه فيه دون سائر أولاده ، وكان لداود تسعة عشر ابنا ، وزيد له تسخير الريح والشياطين. وداود أشد تعبدا من سليمان. وروي أن سليمان أعطي هذا الملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة ، أما داود فقد عاش مائة سنة. (وَقالَ) سليمان لبني إسرائيل على جهة الشكر لنعم الله تعالى وللتنويه بها.