صُدُورُهُمْ) أي ما تخفيه فليس تأخير العذاب لخفاء حالهم عليه تعالى. وقرأ ابن محيصن وابن السميقع ، وحميد «تكن» بفتح التاء وضم الكاف ، (وَما يُعْلِنُونَ) (٧٤) من الأفعال والأقوال (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٧٥) أي وما من خافية فيهما إلا في لوح محفوظ ظاهر لمن يطالعه من الملائكة. (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ) الذي تقرأ عليهم يا سيد الرسل (يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أي يبين لليهود والنصارى (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٧٦) ـ كالتشبيه والتنزيه وشأن عزير والمسيح ـ (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَهُدىً) من الضلالة ، (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٧٧) ، وذلك لأن بعض الناس لما تأمل القرآن فوجد فيه من الدلائل العقلية على التوحيد ، والنبوة ، والحشر ، وبيان نعوت جلال الله تعالى. ووجد ما فيه من الشرائع مطابقة للعقول ، ووجده مبرأ عن التناقض ، ووجد القوى البشرية عاجزة عن جمع كتاب على هذا الوجه علم أنه ليس إلا من عند الله تعالى فكان القرآن معجزا من هذه الجهة ، وكان هدى ورحمة من هذه الجهات. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) أي بين اليهود والنصارى ، أي بين المصيب والمخطئ منهم (بِحُكْمِهِ) أي بالحق لأنه تعالى لا يحكم إلا بالعدل ، أو بحكمته كما يدل عليه قراءة من قرأ «بحكمه» بكسر الحاء وفتح الكاف جمع حكمة. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (٧٨) أي هو القادر الذي لا يمنع فلا يرد حكمه ، العالم بالحكم فلا يكون إلا الحق. (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي ثق بالله الذي هذه أوصافه فإنها توجب على كل أحد أن يفوض جميع أموره إليه (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) (٧٩) أي الدين الظاهر ، فالمحق حقيق بنصرة الله تعالى ، ثم قطع الله تعالى طمع سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم عن بني إسرائيل بتبيين أحوالهم أنهم لا يلتفتون إلى شيء من الدلائل ، فإن قطع الطمع عنهم يقوي القلب على إظهار المخالفة وعلى إظهار الدين كما ينبغي فقال : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٨٠) أي إنهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه كالميت لا سبيل إلى إسماعه ، وكالأصم الذي لا يسمع برفع الصوت ولا يفهم بالإشارة. (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) أي ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى ، وأعمى قلبه عن الإيمان.
وقرأ ابن كثير «ولا يسمع الصم» بالتحتية وفتحها وبفتح الميم ورفع «الصم». وقرأ حمزة «تهدي العمي» بالمضارع المفيد للخطاب وبنصب «العمي» (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (٨١) أي ما تسمع سماعا يجدي السامع إلا من هو في علم الله أنهم يصدقون بالقرآن ، لأنهم منقادون للحق (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) أي وإذا ثبت نزول العذاب على الكفار وذلك إذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر وهو يكون بموت العلماء وذهاب العلم ورفع القرآن (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) من جبل الصفا بمكة ـ وهي فصيل ناقة صالح عليهالسلام ـ فإنه لما عقرت أمه هرب فانفتح له حجر فدخل في جوفه ، ثم انطبق عليه الحجر فهو فيه حتى يخرج بإذن الله تعالى في آخر الزمان. وعن علي رضياللهعنه : أنها تخرج ثلاثة أيام والناس ينظرون فلا