سورة الروم
مكية ، ستون آية ، ثمانمائة وثماني عشرة كلمة ، ثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعة وثلاثون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) أي في أقرب أرض العرب منهم ـ وهي أطراف الشام ـ فالروم : اسم قبيلة وسميت باسم جدها ، وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم ، وسمي عيصو : لأنه كان مع يعقوب في بطن فعند خروجهما تزاحما ، وأراد كل أن يخرج قبل أخيه فقال عيصو ليعقوب : إن لم أخرج قبلك خرجت من جنب أمي فتأخر يعقوب شفقة لها ، فلذا كان أبا الأنبياء ، وعيصو أبا الجبارين. (وَهُمْ) أي الروم (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) أي من بعد مغلوبهم (سَيَغْلِبُونَ) (٣) فارس (فِي بِضْعِ سِنِينَ) ، وسبب نزول هذه الآية أنه كان بين فارس والروم قتال ، وكان المشركون يودون أن تغلب فارس الروم ، لأن فارس كانوا مجوسا أميين والمسلمون يودون غلبة الروم على فارس لكونهم أهل الكتاب ، فبعث كسرى جيشا إلى الروم ، واستعمل عليهم رجلا يقال له : شهريار ، وجعل قيصر جيشا ، واستعمل عليهم رجلا يدعى : بخنس فالتقيا بأذرعات وبصرى وهي أقرب الشام إلى أرض العرب ، فغلبت فارس الروم ، فبلغ ذلك المسلمين بمكة ، فشق عليهم ، وفرح به كفار مكة ، وقالوا للمسلمين : إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب ، ونحن أميون ، وفارس أميون ، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم. فنزلت هذه الآية ، فخرج أبو بكر الصدّيق إلى كفار مكة ، فقال : فرحتم بظهور إخوانكم فلا تفرحوا ، فو الله لتظهرن الروم على فارس ، أخبرنا بذلك نبينا صلىاللهعليهوسلم. فقال له أبيّ بن خلف الجمحي : كذبت يا أبا فضيل. فقال له أبو بكر : أنت أكذب يا عدو الله. فقال له : اجعل بيننا أجلا أنا حبك عليه ، فناحبه على عشر قلائص ، وجعلا الأجل ثلاث سنين ، فأخبر به أبو بكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «البضع ما بين الثلاث إلى التسع» (١). فزايده في الخطر ومادده في الأجل ، فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين ، ومات أبيّ من جرح رسول الله صلىاللهعليهوسلم إياه في أحد بعد
__________________
(١) رواه ابن حجر في الكاف والشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١٣٣).