(بَعْدَ مَوْتِها) أي بعد يبوستها (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي المطر (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٤) أي لدلالات على الفاعل المختار لمن له عقل ، وإن لم يتفكر تفكر تاما. (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) أي ومن آياته الدالة على القدرة استمرار السماء والأرض على ما هما عليه بإرادته تعالى له ، (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (٢٥) أي ثم إذا دعاكم الله على لسان إسرافيل بعد انقضاء الأجل من الأرض وأنتم في قبوركم دعوة واحدة بأن قال : أيها الموتى اخرجوا فاجأتم الخروج منها وقول : (مِنَ الْأَرْضِ) متعلق بـ «دعاكم». (وَلَهُ) خاصة (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والثقلين خلقا ، وملكا ، وتصرفا ، (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٢٦) أي منقادون لفعله (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد موتهم (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) بالقياس على قوانينكم من أن الإعادة للشيء أهون من ابتدائه ، وإلا فالأفعال كلها بالنسبة إلى قدرته تعالى متساوية في السهولة ، (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي وله تعالى الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ما يدانيه ، (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧) ، أي وهو كامل القدرة على الممكنات ، شامل العلم بجميع الموجودات ، فيجري الأفعال على سنن الحكمة. (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي بيّن الله لكم يا معشر الكفار مثلا مأخوذا من أحوال أنفسكم (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) أي هل لكم شركاء فيما رزقناكم من الأموال كائنون بالنوع الذي ملكت أيمانكم ، (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) أي فأنتم وعبيدكم فيما رزقناكم مستوون في التصرف (تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي تخافون أن تنفردوا بالتصرف فيه بدون رأيهم خيفة كائنة مثل خيفتكم من الأحرار المشاركين لكم فيما ذكر أي أنتم لا ترضون بأن يشارككم مماليككم ، وهم أمثالكم في البشرية فكيف تشركون به تعالى في المعبودية مخلوقة تعالى؟ (كَذلِكَ) أي مثل ذلك التفصيل الواضح (نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي نبينها بالدلائل القطعية والأمثلة والمحاكيات الإقناعية (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٨) أي يستعملون عقولهم في تدبر الأمور ، (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي لا يجوز أن يشرك بالمالك مملوكه ، ولكن الذين أشركوا اتبعوا أهواءهم الزائغة من غير علم ، وأثبتوا شركاء من غير دليل (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي لا يقدر أحد على هداية من خلق الله فيه الضلال ، (وَما لَهُمْ) أي لمن أضله الله تعالى (مِنْ ناصِرِينَ) (٢٩) يخلصونهم من الضلال (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ) أي أقبل بكلك على الدين غير ملتفت يمينا وشمالا (حَنِيفاً) أي مائلا عن كل ما عدا الدين (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) أي الزم دين الله ـ وهو التوحيد ـ فإن الله خلق الناس عليه في بطون أمهاتهم ، وحيث أخذهم الله من ظهر آدم ، وسألهم ألست بربكم؟ فقالوا : بلى (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) أي لا تبدلوا دين الله ـ كما قاله مجاهد وإبراهيم ـ وقيل : أي لا تغير للوحدانية حتى إن سألتهم من خلق السموات والأرض يقولون : الله. لكن الإيمان الفطري غير كاف. (ذلِكَ) أي لزوم دين الله (الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي الحق الذي لا عوج فيه (وَلكِنَ