وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص «آثار» بالألف ، والباقون بغير ألف. (كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) أي فانظر إلى إحياء الله تعالى للأرض بإخراج النبات بعد يبوستها (إِنَّ ذلِكَ) أي الذي يحيي الأرض (لَمُحْيِ الْمَوْتى) أي لقادر على إحيائهم (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٥٠) أي مبالغ في القدرة على جميع الأشياء (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) (٥١) ، أي وبالله لئن أرسلنا ريحا حارة أو باردة فضربت زرعهم بالصفا ، فرأوا الزرع مصفرا بعد خضرته لصاروا من بعد صفرته يكفرون بنعمته تعالى السالفة ، (فَإِنَّكَ) يا أشرف الخلق (لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) أي لا تجزع ولا تحزن على عدم إيمانهم ، فإنهم موتى صم عمي. ومن كان كذلك لا يهتدي ، (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٥٢) أي إذا أعرضوا مدبرين عن الحق (وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) أي ليس شغلك هداية العميان إلى الحق.
وقرأ حمزة «تهدي» بتاء الخطاب الداخل في المضارع ، ونصب «العمي». (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) أي ما تسمع دعوتك إلا من يؤمن بكتابنا ، فإن إيمانهم يدعوهم إلى قبوله (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (٥٣) أي مطيعون (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) أي من أصل ضعيف هو النطفة ، (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ) أي من بعد كونه جنينا وطفلا مولودا ، ورضيعا ، ومفطوما (قُوَّةً) أي حالة البلوغ والشباب ، (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً) للكهولة (وَشَيْبَةً) ـ وهو بياض الشعر الأسود ـ أي فإن ذلك الضعف والقوة والشباب والشيبة ليس طبعا بل هو بمشيئة الله تعالى (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (٥٤) فالترديد في الأطوار المختلفة من أوضح دلائل العلم والقدرة ، (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) أي توجد القيامة (يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ) أي يحلف الكافرون بالله (ما لَبِثُوا) في القبور (غَيْرَ ساعَةٍ) ، أي غير قدر ساعة (كَذلِكَ) أي مثل ذلك الصرف (كانُوا يُؤْفَكُونَ) (٥٥) ، أي يصرفون من الحق إلى الباطل ، ومن الصدق إلى الكذب. (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ) من الملائكة والإنس : (لَقَدْ لَبِثْتُمْ) في القبور (فِي كِتابِ اللهِ) أي بحسب ما علمه الله وقدره (إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) من القبور (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ) الذي كنتم توعدون في الدنيا والذي أنكرتموه ، (وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٥٦) أنه حق ولا تقرون بوقوعه فتستعجلون به استهزاء ، وتطلبون الآن تأخير الساعة ، فصار مصيركم إلى النار (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا).
وقرأ الكوفيون «لا ينفع» بالياء التحتية ، أي فيوم القيامة لا ينفع الذين أشركوا اعتذارهم في إنكارهم له (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٥٧) ، أي لا يطلب منهم إزالة العتب من التوبة كما طلبت منهم في الدنيا لأنها لا تقبل منهم (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) أي وبالله لقد بينا لهم في هذا القرآن كل حال وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن ، كأنها في غرابتها مثل (وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ) يا أشرف الخلق (بِآيَةٍ) من آيات القرآن الناطقة بأمثال ذلك (لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) (٥٨) أي ما أنتم يا معشر المؤمنين إلا كاذبون ويقال : ولئن