وجدوا (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) (٦١). وهذه الآية خبر بمعنى الأمر ، أي خذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم إذا كانوا مقيمين على النفاق والإرجاف ، (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ، أي سن الله ذلك في الأمم الذين من قبلهم سنة وهي أن يقتل الذين نافقوا الأنبياء عليهمالسلام ، وسعوا في توهين أمرهم بالإرجاف ونحوه أينما وجدوا (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٦٢) ، أي هذه السنة ليست مثل الحكم الذي ينسخ ، فإن النسخ يكون في الأحكام ، أما الأفعال والأخبار فلا تنسخ ، (يَسْئَلُكَ النَّاسُ) أي كفار مكة واليهود (عَنِ السَّاعَةِ) أي عن وقت قيام القيامة ـ فإن المشركين يسألونه صلىاللهعليهوسلم عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء ، واليهود سألوا عنه امتحانا ـ (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) لا يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا (وَما يُدْرِيكَ) أي أيّ شيء يعلمك بوقت قيامها أي لا يعلمك به شيء أصلا ، (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦٣) ، وهذا تخويف أي هي في علم الله فلا تستبطئوها ، فربما تقع عن زمان قريب (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ) في الدنيا والآخرة ، (وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) (٦٤) أي نارا شديدة الاتقاد ، (خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا) أي حافظا يحفظهم من عذاب الله (وَلا نَصِيراً) (٦٥) ، يخلصهم منه ، (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) وهو ظرف بـ «لا يجدون» (يَقُولُونَ) حال من ضمير «وجوههم». (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (٦٦) (وَقالُوا) عطف على «يقولون» : (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (٦٧) أي فصرفونا عن الدين.
وقرأ ابن عامر «ساداتنا» بألف بعد الدال ، وبالنصب بالكسرة الظاهرة ، أي إن الكافرين يقولون يوم تصرف أبدانهم في النار من جهة ، إلى جهة كلحم يشوى في النار ، أو يطبخ في القدور في الدنيا فلا تبتلي بهذا العذاب ، فيتحسرون ويندمون حيث لا تنفعهم الندامة والحسرة ، ثم يقولون : أطعنا السادة بدل طاعة الله تعالى ، وأطعنا الكبراء بدل طاعة الرسول ، وتركنا طاعة سادة السادات ، وأكبر الأكابر ، فبدلنا الخير بالشر ، ففاتنا خير الجنات ، وأعطينا شر النيران ، ثم إنهم يطلبون بعض التشفي بتعذيب المضلين ويقولون : (رَبَّنا آتِهِمْ) أي أعط الرؤساء (ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) أي مثلي العذاب الذي أعطيتناه ، (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٦٨) أي شديدا.
وقرأ عاصم بالباء الموحدة أي لعنا عظيما. والباقون بالثاء المثلثة أي كثير العدد. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا) في إيذاء نبيكم (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) بأنواع الأذية كنسبته إلى عيب في بدنه من أدرة أو برص ، وكإغراء مومسة على قذفه عليهالسلام بنفسها بدفع مال عظيم إليها وكغير ذلك. (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا) أي أظهر الله براءته عليهالسلام من قولهم.
روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ، وكان موسى عليهالسلام يغتسل وحده فقالوا : والله ما يمنع موسى أن