الْأَرْضِ) أي لا يملك آلهتهم وزن ذرة من نفع وضر في أمر من الأمور ، (وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ) أي وما لآلهتهم في السموات والأرض من شركة مع الله لا خلقا ولا ملكا ولا تصرفا ، (وَما لَهُ) تعالى (مِنْهُمْ) أي من آلهتهم (مِنْ ظَهِيرٍ) (٢٢) ، أي معين في تدبير أمرهما ، وفي خلق شيء بل الله تعالى هو المنفرد بالإيجاد ، فهو الذي يجب أن يكون معبودا ، (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) أي ولا تقع الشفاعة عنده تعالى في حال من الأحوال إلا كائنة لمن أذن الله له في الشفاعة من النبيين والملائكة ونحوهم من المستأهلين لمقام الشفاعة.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي «أذن له» مبنيا للمجهول (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) ، أي حتى إذا أزيل الفزع الذي عند الوحي أي حين انحدر عليهم جبريل فإن الله عند ما يوحي يفزع من في السموات ، ثم يزيل الله عنهم الفزع فرفعوا رؤوسهم ، فحتى غاية متعلقة بقوله تعالى قل : (قالُوا) أي الملائكة السائلون من جبريل : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) يا جبريل؟ (قالُوا) أي جبريل ومن تبعه : (الْحَقَ) أي قال ربنا القول الحق وهو الإذن في الشفاعة للمستحقين لها. وقرئ «الحق» بالرفع أي ما قاله الحق ، (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (٢٣) أي هو المنفرد بالعلو والكبرياء ليس لأحد من أشراف الخلائق أن يتكلم إلا بإذنه (قُلْ) يا أشرف الخلق لكفار مكة : (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ) بالمطر (وَالْأَرْضِ) بالنبات؟ (قُلِ اللهُ) أي فإن أجابوك وقالوا : الله ، فذلك ظاهر ، وإن لم يقولوا ذلك فقل : الله يرزق إذ لا جواب سواه. وهذا إشارة إلى أن جر النفع ليس إلا به تعالى ، ومنه تعالى فإذا إن كنتم من الخواص فاعبدوه لعلوه وكبريائه سواء دفع عنكم ضررا أو لم يدفع ، وسواء نفعكم بخير ، أو لم ينفع فإن لم تكونوا كذلك فاعبدوه لدفع الضر وجر النفع. (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤) أي وإن أحد الفريقين من الذين يوحدون الرازق بالعبادة ، والذين يشركون به في العبادة الجماد الذي لا يوصف بالقدرة لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلال المبين ، واختلاف الجارين للإعلام بأن المهتدي كمن استعلى منارا ينظر الأشياء والضال ، كأنه منغمس في ظلام لا يرى شيئا. (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا) أي أذنبنا (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢٥) في كفركم لأنا بريئون منكم. وهذا أبعد من الجدل ، وأبلغ في التواضع حيث أسندوا الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين. (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ) أي يحكم (بَيْنَنا بِالْحَقِ) أي بالعدل بأن يدخل المحقّين الجنة والمبطلين النار ، (وَهُوَ الْفَتَّاحُ) أي البليغ الفتح لما انغلق ، (الْعَلِيمُ) (٢٦) بما ينبغي أن يحكم به. (قُلْ) يا أشرف الخلق لأهل مكة : (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ) تعالى (شُرَكاءَ) ، لأنظر بأي صفة ألحقتموها بالله في استحقاق العبادة هل يخلقون أو يرزقون؟ (كَلَّا) أي حقا لم يخلقوا شيئا ، ولم يرزقوا بشيء أو لا تشركوا بالله شيئا ، (بَلْ هُوَ) أي الله الذي ألحقتم به شركاء (اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧) أي الله الموصوف بالغلبة القاهرة وبالحكمة الباهرة ، فأين شركاؤهم التي هي