عَذْبٌ) أي لذيذ (فُراتٌ) أي يكسر العطش (سائِغٌ شَرابُهُ) أي يسهل انحداره إلى الخلق (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) أي مر زعاق لا يستطيع شربه (وَمِنْ كُلٍ) من البحرين (تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) أي سمكا شهي المطعم ، (وَتَسْتَخْرِجُونَ) من الملح خاصة (حِلْيَةً) ، أي زينة وهي اللؤلؤ والمرجان (تَلْبَسُونَها). وقوله تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) إشارة إلى أن عدم استوائهما دليل على كمال قدرته ونفوذ إرادته ، وهو دليل آخر على القدرة والوحدانية (وَتَرَى الْفُلْكَ) أي وترى السفن أيها الناس (فِيهِ) أي في كل منهما (مَواخِرَ) ، أي شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) بالتجارة وغيرها واللام متعلقة بمواخر (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢) ، أي ولتشكروا الله على نعمه ، (يُولِجُ اللَّيْلَ) أي يدخل زيادته (فِي النَّهارِ) فيكون النهار أطول من الليل بقدر نقصانه ، (وَيُولِجُ النَّهارَ) أي يدخل زيادته (فِي اللَّيْلِ) فيكون الليل أطول من النهار بقدر نقصانه ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أي ذلل ضوء الشمس والقمر لبني آدم ، (كُلٌ) منهما (يَجْرِي) في فلكه (لِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي إلى وقت معلوم في منازل معروفة ، ومدة الجريان للشمس سنة ، وللقمر شهر. (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) أي الذي فعل هذه الأفعال هو الله الموجد لكم من العدم ، المربي بجميع النعم. (لَهُ الْمُلْكُ) كله ، وهو مالك كل شيء. (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ) أي تعبدون (مِنْ دُونِهِ) تعالى ـ وهم الأصنام ـ (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (١٣) أي لا يقدرون أن يفعلوا من ذلك قدر الشيء الذي تعلق به النواة مع القمع ، وقيل : القطمير هو القشرة الرقيقة البيضاء التي بين التمرة والنواة. وهذا استدلال على تفرده تعالى بالألوهية. (إِنْ تَدْعُوهُمْ) أي المعبودات من غير الله (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) ، لأنها جمادات (وَلَوْ سَمِعُوا) على سبيل التقدير (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) أي ما أجابوكم بجلب نفع ودفع ضرر لعجزهم عن الأفعال بالمرة ، (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) أي حين ينطقهم الله ينكرون عبادتكم إياهم بقولهم : ما كنتم إيانا تعبدون. (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤) أي ولا يخبرك أيها السامع أحد مثلي ، لأني عالم بالأشياء وغيري لا يعلمها. (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) أي إلى مغفرته ورحمته ورزقه في الدنيا ، وإلى جنته في الآخرة. وهذا يوجب عبادته (وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (١٥) أي والله مع استغنائه يدعوكم كل الدعاء يقضي في الدنيا حوائجكم ، وإن آمنتم به يقضي في الآخرة حوائجكم فهو المستوجب للحمد. (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) أي يهلككم يا أهل مكة (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) (١٦) أي بقوم آخرين مستمرين على الطاعة ، أو بعالم آخر غير ما تعرفونه ، (وَما ذلِكَ) أي الإذهاب بهم والإتيان بآخرين (عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (١٧) أي بمتعسر (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى ، بل إنما تحمل كل منهما إثمها ، (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) أي وإن تدع نفس مثقلة بالذنوب نفسا إلى حمل بعض ذنوبها لم تجب تلك النفس المدعوة بحمل شيء من تلك الأوزار ، ويروى عن الكسائي «لا تحمل» بفتح التاء الفوقية وكسر الميم