أقبح الحيات ، والزقوم اسم شجرة صغيرة الورق ، دفرة ، مرة ، كريهة الرائحة تكون في تهامة ، (فَإِنَّهُمْ) أي الكفار (لَآكِلُونَ مِنْها) أي من الزقوم (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) (٦٦) لغلبة الجوع أو للقسر على أكلها تكميلا لعذابهم (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها) أي الزقوم بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش (لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) (٦٧) ، أي لمخلوطا بماء متناه في الحرارة. والمعنى : إذا غلبهم العطش الشديد سقوا من الماء الحار ، فحينئذ يخلط الزقوم بماء حميم فيقطع أمعاءهم ، نعوذ بالله من ذلك (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) (٦٨) فإن الزقوم والحميم ضيافة تقدم إليهم قبل دخولها.
وقرئ «إن مصيرهم» أي منقلبهم. (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) (٦٩) أي إنهم وجدوهم ضالين في نفس الأمر (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) (٧٠) أي فهم يتبعون آباءهم على دينهم اتباعا في سرعة من غير تدبر أي إنما استحقاقهم للوقوع في تلك الشدائد بتقليد الآباء في الدين ، وترك اتباع الدليل ، (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ) أي قبل قريش (أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) (٧١) من الأمم السالفة ، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) (٧٢) أي أنبياء أولي عدد كثير ، وذوي شأن خطير بينوا لهم بطلان ما عليهم ، فلم يؤمنوا بهم. وهذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم في كفر قومه وتكذيبهم له ليكون له أسوة بمن تقدم من الرسل ليصبر كما صبروا. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣). والمقصود من هذا الخطاب خطاب الكفار وإن كان في الظاهر خطابا مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، لأنهم سمعوا بالأخبار ما جرى على قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وغيرهم ، (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٧٤) بفتح اللام أي الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للإيمان والعمل وبكسرها ، أي الذين أخلصوا دينهم لله تعالى. وهذا استثناء من قوله تعالى : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) فإنها كانت أقبح العواقب ، فإنا أهلكناهم إلّا عاقبة عباد الله المخلصين ، فإنها كانت مقرونة بالخير والراحة لأنا لم نهلكهم ، أو استثناء من قوله تعالى : (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) وقوله : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ). أي فإنهم لم يضلوا لأنهم لم يكذبوا رسلهم. (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) في أن ننجيه من الغرق أو في إيذاء قومه وقصدهم لقتله (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥) أي فو الله لنعم المجيبون نحن ، (وَنَجَّيْناهُ) أي نوحا (وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦) أي الحاصل بسبب الخوف من الغرق ، أو الحاصل من أذى قومه (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) (٧٧) إلى يوم القيامة ، وكان له ثلاث بنين : سام ، وحام ، ويافث. فسام : أبو العرب ، وفارس ، والروم. وحام : أبو الحبش ، والبربر ، والسند ويافث : أبو الترك والتتار ويأجوج. ومأجوج (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٧٩) أي وتركنا على نوح في الباقين بعد من الأمم ، هذه الكلمة وهي سلام على نوح في العالمين أي يسلمون عليه تسليما ويدعون له بثبوت هذه التحية في الملائكة والثقلين جميعا على الدوام ، أي أثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين ، فيسلمون عليه بكليتهم (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨٠) أي إنا مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الإحسان (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (٨١). والمقصود من