وهارون ، أي دعاءهم لهما بثبوت هذه التحية ، (إِنَّا كَذلِكَ) أي مثل الجزاء الكامل (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (١٢٢). وهذا تنبيه على أن الفضيلة الحاصلة بسبب الإيمان أعلى من كل الفضائل ، ولولا ذلك لما حسن ختم فضائل المرسلين بكونهم من المؤمنين ، (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١٢٣) ، وهو إلياس بن ياسين ، من ولد هارون أخي موسى عليهمالسلام ، وهو نبي من أنبياء بني إسرائيل.
قال ابن عباس : وهو ابن عم اليسع عليهماالسلام. (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) (١٢٤) عذاب الله (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) ، أي أتعبدون بعلا ـ وهو اسم صنم لأهل بك ـ قيل : كان من ذهب طوله عشرون ذراعا ، وله أربعة وجوه ، وكانوا عظموه حتى جعلوا له أربعمائة سادن ، وجعلوهم أنبياء ، وكان الشيطان يدخل في جوف بعل ، ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وهم أهل بعلبك من بلاد الشام ، وببعلبك سميت مدينتهم. (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) (١٢٥) أي وتتركون عبادة أعظم المصورين (اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (١٢٦).
قرأ حمزة والكسائي ، وحفص عن عاصم بالنصب على البدل. والباقون بالرفع على الاستئناف (فَكَذَّبُوهُ) أي إلياس (فَإِنَّهُمْ) بسبب تكذيبهم (لَمُحْضَرُونَ) (١٢٧) النار غدا ، (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٢٨) في التوحيد والعبادة. وهذا استثناء من الواو في فكذبوه ، (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (١٣٠) ، أي وتركنا عليه في الآخرين دعاءهم له بثبوت التسليم.
قرأ نافع ، وابن عامر ، ويعقوب بفتح الهمزة ممدودة ، وكسر اللام على إضافة لفظ «آل» إلى لفظ «ياسين». والمراد به إلياس ابن ياسين كأن إلياس آل ياسين. والباقون بكسر الهمزة وسكون اللام ، كما يقال : ميكال ، وميكائيل ، وميكالين ، فكذا هاهنا يقال : إلياس وإلياسين ـ كذا قال الزجاج ـ (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١٣٣) إلى قومه (إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ) ابنتيه زاعورا ورينا ، (أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) (١٣٥) أي إلّا امرأته المنافقة تخلفت مع المتخلفين بالهلاك ، (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) (١٣٦) أي أهلكنا من بقي بعد لوط وابنتيه ، (وَإِنَّكُمْ) يا أهل مكة (لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) أي على قريات قوم لوط ، سذوم ، وعمورا ، وصبورا ، ودادوما (مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ) ، فإن أهل مكة كانوا يسافرون إلى الشام والمسافر في أكثر الأمر إنما يمشي في الليل وفي أول النهار ، فلهذا السبب عين الله تعالى هذين الوقتين ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٣٨) أي أتشاهدون ذلك فليس فيكم عقول تعتبرون به وتخافون أن يصيبكم مثل ما أصابهم (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ) أي هرب من قومه بغير إذن ربه ، (إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (١٤٠) أي إلى السفينة الموقرة ، (فَساهَمَ) أي قارع في السفينة ، (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (١٤١) أي فصار من المغلوبين بالقرعة (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) ـ يقال له : لخم ـ (وَهُوَ مُلِيمٌ) (١٤٢) أي مستحق اللوم (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) (١٤٣) أي كان يقول في بطن الحوت : لا