إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، أو كان قبل أن التقمه الحوت من المصلين (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) أي ذلك الحوت (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤٤) (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) أي أمرنا الحوت بلفظه بالمكان الخالي ، عما يغطيه من شجر أو نبت.
قال جعفر : بشاطئ دجلة. وقيل : بأرض اليمن. حكاه ابن كثير.
روي أن الحوت سار مع السفينة رافعا رأسه يتنفس فيه يونس عليهالسلام ويسبح ، ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر ، فلفظه سالما لم يتغير منه شيء ، فأسلموا (وَهُوَ سَقِيمٌ) (١٤٥) أي مريض صار بدنه كبدن الطفل حين يولد ، (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) (١٤٦) أي من قرع وخص الله القرع ، لأنه يجمع برد الظل ، ولين الملمس ، وكبر الورق ، وأن الذباب لا يقربه ، فإن جسد يونس حين ألقي على الأرض الواسعة لم يكن يتحمل الذباب.
قال مقاتل بن حبان : كان يونس عليهالسلام يستظل بالشجرة ، وكانت وعلة تتردد إليه فيشرب من لبنها بكرة وعشيا حتى اشتد لحمه ونبت شعره ، (وَأَرْسَلْناهُ) إلى قوم بنينوى ، وهي قرية من أرض الموصل (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧).
قال ابن عباس : إن أو بمعنى الواو ، وقد قرئ بالواو. (فَآمَنُوا) بعد ما شاهدوا علائم حلول العذاب إيمانا خالصا (فَمَتَّعْناهُمْ) بالحياة الدنيا (إِلى حِينٍ) (١٤٨) أي إلى الوقت الذي جعله الله أجلا لكل واحد منهم ، أي إن أولئك القوم لما آمنوا ، أزال الله عنهم الخوف وأمنهم من العذاب ، (فَاسْتَفْتِهِمْ) أي سل بعض أجناس العرب ممن قالوا : الملائكة بنات الله كبني مليح ، وبني سلمة وجهينة وخزاعة ، (أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ) اللاتي هي أوضع الجنسين (وَلَهُمُ الْبَنُونَ) (١٤٩)؟ الذين هم أرفعهما ، فإن ذلك مما لا يقول به من له أدنى شيء من العقل ، (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) (١٥٠)؟ أي بل أخلقناهم إناثا والحال أنهم حاضرون حينئذ (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ) أي كذبهم (لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ) فعل وفاعل حيث قالوا : الملائكة بنات الله.
وقرئ «ولد الله» ، على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي الملائكة ولد الله (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٥٢) في مقالتهم ذلك كذبا بينا. (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) (١٥٣) بفتح الهمزة ، وهي استفهام إنكار وتقريع ، أي اختار الله الإناث على الذكور (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١٥٤) بهذا الحكم الجائر ، وهو أنهم نسبوا أخس الجنسين إلى الله تعالى وأحسنهما إليهم ، فالأول استفهام إنكار عما استقر لهم ، والثاني استفهام تعجب من هذا الحكم ، (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١٥٥) أي ألا تلاحظون ذلك فلا تتعظون به! (أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) (١٥٦) أي بل ألكم حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بنات الله ، (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) الذي دل على صحة دعواكم ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٥٧) في دعواكم. (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ) تعالى (وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) أي إن قوما من الزنادقة يقولون : الله تعالى وإبليس إخوان ، فالله