الطير ، فسبحت معه. واجتماعها إليه هو حشرها فيكون حاشرها هو الله.
وقرئ و «الطير محشورة» بالرفع على الابتداء والخبرية. (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) (١٩) أي كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيح داود رجاع إلى التسبيح ، أي كلما رجع داود إلى التسبيح جاوبته ، وبهذا اللفظ فهمنا دوام تلك الموافقة ، (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) بالهيبة ، وكثرة الجنود.
عن ابن عباس رضياللهعنهما : أنه كان يحرسه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل فإذا أصبح قيل : ارجعوا فقد رضي عنكم نبي الله.
وعن عكرمة عن ابن عباس : أن رجلا ادعى عند داود على رجل أخذ منه بقرة فأنكر المدعى عليه ، فقال داود : للمدعي أقم البينة فلم يقمها. فرأى داود في منامه أن الله يأمره أن يقتل المدعى عليه ، فتأخر داود وقال : هو منام ، فأتاه الوحي بعد ذلك في اليقظة ، فأحضر المدعى عليه وأعلمه ان الله أمره بقتله. فقال : صدق الله إني كنت قتلت أبا هذا الرجل غيلة فقتله داود. فقال الناس : إن أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه ، فهابوه ، وعظمت هيبته في القلوب ، فهذه الواقعة شدت ملكه. (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) أي النبوة وكمال العلم وإتقان العمل ، (وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢٠) أي فصل الخصام بتمييز الحق عن الباطل ، (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) أي خبر خصمي داود ، (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٢١) ، أي إذا أتوا البيت الذي كان داود يدخل فيه ويشتغل بطاعة ربه من أعلاه ، أي تصعدوا حائطه المرتفع ، (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ).
روي أن جماعة من الأعداء طمعوا في أن يقتلوا نبي الله داود عليهالسلام ، وكان له يوم يخلو فيه بنفسه ويشتغل بطاعة ربه ، فانتهزوا الفرصة في ذلك اليوم ، وتسوروا المحراب ، فلما دخلوا عليه وجدوا عند أقواما يمنعونه منهم ، فخافوا ، فوضعوا كذبا فقالوا : خصمان أي نحن فريقان إلى آخر القصة ، فعلم عليهالسلام غرضهم فهمّ بأن ينتقم منهم (بَغى بَعْضُنا) أي تطاول (عَلى بَعْضٍ) جئناك لتقضي بيننا ، (فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِ) أي بالأمر الذي يطابق الحق (وَلا تُشْطِطْ) أي لا تجر في الحكومة ، (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) (٢٢) أي دلنا إلى وسط طريق الحق ، (إِنَّ هذا أَخِي) في الدين ، أو في الصحبة ، (لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) أي أنثى من الضأن ، (وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها) ، أي اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي ، (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) (٢٣) أي غلبني في الكلام ، بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده.
وقرئ و «عازني» أي غالبني. (قالَ) داود : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) أي والله لقد ظلمك أخوك بسؤال إضافة نعجتك إلى نعاجه ، (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ) أي الشركاء الذي خلطوا أموالهم (لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ) أي ليعتدي بعضهم (عَلى بَعْضٍ) ، فلم يراع حق الصحبة والشركة (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) منهم ، فإنهم يتحامون على الظلم (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) ، أي وهم قليل ، و «ما» مزيدة للتعجب من قلتهم. (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) و «ما» كافة زائدة ، أي وظن داود