وقرئ «قبضة» بالنصب على الظرف ، أي في ملكه تعالى وقدرته. وقرئ «مطويات» بالنصب على الحال و «السموات» معطوفة على الأرض. (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٧) أي إن هذا القادر القاهر العظيم الذي حارت العقول في وصف عظمته ، تنزه عن أن تجعل الأصنام شركاء له في المعبودية وأن يكون تعالى عاجزا ومحتاجا إلى شيء ، (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) نفخة الموت (فَصَعِقَ) أي مات (مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ).
قال كعب الأحبار : هم اثنا عشر جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وملك الموت ، وحملة العرش ، وهم ثمانية. (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ) أي الصور بعد أربعين سنة نفخة (أُخْرى) ـ وهي نفخة البعث ـ تمطر السماء كنطف الرجال ، (فَإِذا هُمْ قِيامٌ) من قبورهم (يَنْظُرُونَ) (٦٨) ، أي يقلبون أبصارهم في الجوانب كالمبهوتين ، و «ينظرون» حال من ضمير «قيام» وقرئ «قياما» بالنصب على الحال من ضمير «ينظرون» ، فهو حينئذ خبر المبتدأ (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) أي وأضاءت الأرض الجديدة التي يوجدها الله في ذلك الوقت لتحشر الناس فيها بعدل ربها ، (وَوُضِعَ الْكِتابُ) أي صحائف الأعمال وهي ديوان الحفظة في أيدي العمال ، (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) ، أي الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ومن الملائكة الحفظة ، (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي بين العباد (بِالْحَقِ) أي بالعدل ، (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦٩) أي لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم ، (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) ، أي وفيت كل نفس برة وفاجرة جزاء ما عملته من خير وشر ، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) (٧٠) ولا حاجة به تعالى إلى كتاب ولا إلى شاهد ومع ذلك تشهد الكتب والشهود إلزاما للحجة. (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ) بالعنف والدفع ، (زُمَراً) أي أفواجا متفرقة بعضها عقب بعض على حسب ترتب طبقاتهم في الضلالة والشرارة ، (حَتَّى إِذا جاؤُها) أي جهنم (فُتِحَتْ أَبْوابُها) أي طرقها لهم ولم تكن قبل ذلك مفتوحة ، (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) ـ وهم الزبانية ـ تقريعا وتوبيخا : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي من جنسكم؟ وقرئ «نذر منكم»؟ (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) من القرآن وغيره ، (وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) ، أي لقاء وقتكم هذا هو وقت دخولهم النار؟ (قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٧١) أي بلى قد أتونا وتلوا علينا وأنذرونا ، ولكن ثبتت علينا كلمة العذاب ، ومن وجبت عليه كلمة العذاب فكيف يمكنه الخلاص من العذاب؟ (قِيلَ ادْخُلُوا) أي ثم إن الملائكة إذا سمعوا منهم هذا الكلام قالوا لهم : ادخلوا (أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) أي مقدرا خلودكم فيها ، (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٧٢) أي على الأنبياء جهنم ، أي أنهم دخلوا النار ، لأنهم تعظموا عن الإيمان بالرسل ولم يقبلوا قولهم ، ولم يلتفتوا إلى دلائلهم. (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ) مساق إعزاز وتشريف للإسراع بهم إلى دار الكرامة ، ولأن بعضهم قالوا : لا ندخلها حتى يدخلها