سورة المؤمن
وتسمى صورة الطول وسورة غافر ، مكية ، خمس وثمانون آية ، ألف
ومائة وتسع وتسعون كلمة ، أربعة آلاف وتسعمائة وستون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ) أي هذه السورة المسماة بـ «حم» تنزيل الكتاب ، (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ) أي الذي لا يوجد له مثل (الْعَلِيمِ) (٢) بوجوه المصالح والمفاسد ، (غافِرِ الذَّنْبِ) أي غافر للذنوب الكبار ، قبل التوبة ممن قال : لا إله إلّا الله ، (وَقابِلِ التَّوْبِ) لمن تاب من الشرك (شَدِيدِ الْعِقابِ) لمن مات على الشرك (ذِي الطَّوْلِ) أي ذي الفضل على من آمن به بترك العقاب المستحق ، وذي الغنى على من لم يؤمن به (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فيجب الإقبال الكلي على طاعته في أوامره ونواهيه ، (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٣) أي مرجع من آمن به ومن لم يؤمن به ، (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) بالجدال الباطل ، (إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) بها وهو أن يقال في حق القرآن : إنه سحر ، أو إنه شعر ، أو إنه قول الكهنة ، أو إنه أساطير الأولين ، أو إنما يعلمه بشر أو أشباه ذلك مما كانوا يقولونه من الشبهات الباطلة. قال صلىاللهعليهوسلم : «إن جدالا في القرآن كفر». (١) وقال : «لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر». (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) (٤) أي لا ينبغي أن تغتر بأني أتركهم سالمين في أبدانهم وأموالهم يتصرفون في البلاد للتجارات وطلب المعاش ، وإني سآخذهم كما فعلت بأشكالهم من الأمم الماضية. (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) أي قبل قومك (قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ) أي الأمم المتفرقة (مِنْ بَعْدِهِمْ) ، أي من بعد قوم نوح كقوم عاد وثمود ، (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) أي وعزمت كل أمة من هؤلاء المكذبين أن يأخذوا رسولهم ليقتلوه ويهلكوه ، (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ) أي خاصموا رسلهم بإيراد الشبهات (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) ، أي ليزيلوا بإيراد تلك الشبهات الصدق (فَأَخَذْتُهُمْ) بسبب ذلك (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٥) ، أي عقابي إياهم أليس كان مهلكا مهيبا في السماع؟ (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ
__________________
(١) رواه أحمد في (م ٣ / ص ١٧٠).