قرئ «سواء» بالحركات الثلاثة : النصب : على مصدر مؤكد لمضمر ، هو صفة لأربعة : أي استوت الأربعة استواء لا يزيد ولا ينقص. والجر : على الوصف ، أي مساويات غير مختلفة في المقادير. والرفع : على تقدير هي سواء ، ولمن قرأه بالرفع أن يقف على أربعة أيام. وقوله تعالى : (لِلسَّائِلِينَ) إما متعلق بـ «سواء» أي مستويات لمن سأل الرزق ، ولمن لم يسأل ، أو متعلق بقدر ـ كما قاله الزجاج ـ أي وقدر فيها أقواتها في تتمة أربعة أيام ، لأجل الطالبين للأقوات المحتاجين إليها ، أو متعلق بمحذوف والتقدير : هذا الحصر بيان للسائلين عن مدة خلق الأرض ، وما فيها. في كم يوم خلقت الأرض وما فيها (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) ، أي ثم قصد إلى خلق السماء ، أي ثم دعاه داعي الحكمة إلى خالق السماء بعد خلق الأرض ، وما فيها من غير صارف يصرفه عن ذلك ، (وَهِيَ دُخانٌ) أي أمر ظلماني ، أو دخان مرتفع من الماء. (فَقالَ لَها) ـ أي للسماء ـ (وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا) إلى الوجود والحصول أي كوننا على وجه معين ، وفي وقت مقدر لكل منكما. وهذا عبارة عن تعلق إرادته تعالى بوجودهما تعلقا فعليا ، (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) أي طائعتين أو كارهتين ، أي شئتما ذلك أو أبيتما. (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١) أي أتينا أمرك منقادين لا على الكره. وهذا تمثيل لكمال تأثرهما بالذات العلية عن القدرة الربانية.
وقرأ ابن عباس وابن جبير ومجاهد «آتيا قالتا آتينا». بالمد في الفعلين ، أي وافقا على مرادي منكما. قالتا : توافقنا على ذلك أو أعطيا الطاعة من أنفسكما من أمركما. قالتا : أعطينا الطاعة. ويقال : إن الله تعالى قال للسماء والأرض بعد ما فرغ منهما : أعطيا ما فيكما أو جيئا بما خلقت فيكما من المنافع والمصالح وأخرجاها لخلقي. أي قال لهما : افعلا ما أمرتكما طوعا وإلّا ألجأتكما إلى ذلك حتى تفعلاه ، (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) ، أي أتم السماء حال كونها سبع سموات في يومين. ذكر أهل الأثر أن الله تعالى خلق الأرض في يوم الأحد والإثنين. وخلق سائر ما في الأرض في يوم الثلاثاء والأربعاء ، وخلق السموات وما فيها في يوم الخميس والجمعة ، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة ، فخلق فيها آدم ، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة ، وأن الذي خلق أولا هو الدخان الذي هو أصل السماء ، ثم بعده الأرض ، غير مدحوة ، ثم خلقت السماء مبسوطة متفاصلة طباقا بعضها فوق بعض ، ثم دحيت الأرض ، وخلق ما فيها من الأرزاق وغيرها. (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها).
قال مقاتل : أمر في كل سماء بما أراد. وقال قتادة والسدي : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها. وقال عطاء عن ابن عباس رضياللهعنهم : خلق في كل سماء ما فيها من البحار وجبال البرد ، وما لا يعلمه إلا الله تعالى ويقال : ولله تعالى على أهل كل سماء تكليف خاص ، فمن الملائكة من هو في القيام من أول خلق العالم إلى قيام القيامة ، ومنهم ركوع لا ينتصبون ، ومنهم سجود لا يرفعون ، وذلك الأمر مختص بأهل السماء. (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) ـ وهي