الأهل ، اللهم أصحبنا في سفرنا وأخلفنا في أهلنا». وكان إذا رجع إلى أهله يقول : «آئبون تائبون لربنا حامدون» (١). (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) أي أثبتوا أي بنو مليح له تعالى ولدا هو عبد من عباده (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) (١٥) أي لمبالغ في الكفر ظاهر الكفر (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) (١٦) أي بل اتخذ من خلقه أخس الصنفين واختار لكم أفضلهما ، (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (١٧) أي وإذا أخبر أحد بني مليح بالبنت التي جعلها للرحمن شبها صار وجهه أسود من أحزان ما أخبر به ، والحال أنه مغموم. أفيرضون لله ما لا يرضون لأنفسهم؟
وقرئ «مسود» و «مسواد» واسم «ظل» إما ضمير يعود إلى أحد وجملة وجهه مسود من المبتدأ والخبر ، خبرها وإما وجهه فسمود خبر مبتدأ مقدر أي هو مسود فتقع هذه الجملة موقع خبر ظل.
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (١٨) أي أو جعلوا من عاداتها أن تربى في الزينة من الذهب والفضة ولدا لله ، فالتي تتربى في الزينة تكون ناقصة الذات إذ لولا نقصانها في ذاتها لما احتاجت في تكميل نفسها إلى الزينة ، والحال أنها إذا احتاجت إلى المخاصمة عجزت عن إقامة الحجة لضعف لسانها ، وقلة عقلها ، وبلادة طبعها ، وهي النساء ، فكيف يليق أن يكن بنات الله تعالى؟ وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بضم الياء وفتح النون والباقون بفتح الياء وسكون النون.
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) أي حكموا بأن الملائكة أكرم العباد على الله أنقصهم رأيا وأخسهم صنفا ، فالقول بأن الملائكة إناث كفر. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر «عند الرحمن» أي وحكموا بأن الملائكة الذين يكونون عند الرحمن لا عند هؤلاء الكفار إناث فكيف عرفوا كونهم إناثا؟
(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) أي أحضروا خلق الله تعالى إياهم ، فشاهدوهم إناثا حتى يحكموا بأنوثتهم. وقرأ نافع «أأشهدوا» بهمزتين مفتوحة ومضمومة وسكون الشين ، وأدخل قالون بينهما ألفا أي أأحضروا خلقهم. أي حين خلقهم (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) في ديوان أعمالهم وهي قولهم : «إن لله جزءا وان له بنات وإنها الملائكة. (وَيُسْئَلُونَ) (١٩) عنها يوم القيامة ، (وَقالُوا) أي بنو مليح (لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) أي لو شاء الله عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ما عبدناهم فما فعلناه من عبادتنا إياهم حق مرضي عنده تعالى ، (ما لَهُمْ بِذلِكَ) أي القول
__________________
(١) رواه أبو داود في كتاب الجهاد ، باب : ما يقول الرجل إذا سافر ، وأحمد في (م ١ / ص ١١٥).