تعالى للمطيع ، ويتعلق عدله ، وعقابه للعاصي. فلا بد من البعث لتجزى كل نفس بما كسبت. وقرأ عمرو بن عبيد و «ما بينهن» وقرأ الجمهور «بينهما» باعتبار النوعين (ما خَلَقْناهُما) وما بينهما (إِلَّا بِالْحَقِ) أي إلا بسبب الحق الّذي هو الإيمان والطاعة والبعث والجزاء (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أي أهل مكة (لا يَعْلَمُونَ) (٣٩) انا خلقنا الخلق بسبب إقامة الحق عليهم (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٠) أي أن يوم تمييز المحق من المبطل وقت موعد الناس أجمعين. وقرئ «ميقاتهم» بالنصب على إنه اسم و «يوم» خبرها أي إن ميعادهم جزاؤهم البر والفاجر في يوم فصل الله بين عباده (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) أي لا ينفع قريب عن قريب شيئا (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤١) أي يمنعون من العذاب (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) أي إلا المؤمنين فإنهم يمنعون من العذاب أو فإنهم يؤذون لهم في الشفاعة فيشفعون في بعضهم وتشفع لهم الملائكة والأنبياء (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٤٢) أي أن الله هو الغالب بتعذيب الكافرين الرحيم بالمؤمنين (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ) (٤٤) أي الكثير الآثام وهو الكافر (كَالْمُهْلِ) وهو دردى الزيت ، وعكر القطران ، ومذاب النحاس ، وسائر الفلزات (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) (٤٦). وقرأ حفص وابن كثير «يغلي» بالياء التحتية فهو حال من طعام ، أو الزقوم ، والباقون بالتاء الفوقية فهو خبر ثالث لأن أي «تغلي» الشجرة في البطون غليانا كغلي الماء الشديد الحرارة. يقول الله للزبانية : (خُذُوهُ) أي الأثيم (فَاعْتِلُوهُ) أي جروه بعنف وقوده (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) (٤٧) أي إلى وسط النار العظيمة. وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، بضم التاء ، (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) (٤٨) أي صبوا على رأسه عذابا شديدا يشبه الماء الحار بعد ما يضرب رأسه بمقامع الحديد ، فقد شبه العذاب ، ثم خيّل له بالصب ، ويقال له على سبيل الاستهزاء : (ذُقْ) يا أبا جهل (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٤٩). وقرأ الكسائي «أنك» بفتح الهمزة على معنى العلة أي لأنك ، أو على تقدير مضاف أي «ذق» عذابا إنك أنت المتعزز في قومك المتكرم عليهم. روي ان أبا جهل قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما بين جبليها أي مكة أعز ولا أكرم مني فو الله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا (إِنَّ هذا) العذاب (ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) (٥٠) أي تشكون في الدنيا. (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) (٥١) أي مكان مأمون من الزوال والآفات ، وقرأ نافع ، وابن عامر «مقام» بضم الميم أي موضع الإقامة (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٥٢) أي أنهار الخمر ، والماء ، واللبن ، والعسل (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) والسندس ما رق من الحرير ، والإستبرق ما ثخن منه (مُتَقابِلِينَ) (٥٣) في المجالس ليستأنس بعضهم ببعض (كَذلِكَ) أي أتيناهم مثل ذلك ، أو هكذا مقام المؤمنين في الجنة (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٥٤) أي قرناهم في الجنة بجوار بيض حسان الوجوه. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال مهور الحور العين قبضات التمر وفلق الخبز وعهن أبي قرصافة سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «إخراج القمامة من المسجد مهور الحور