الدين. قال الذين قالوا : إن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق أن أبا بكر أسلم والداه ولم يتفق لأحد من الصحابة والمهاجرين إسلام الأبوين إلّا له ، (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ).
قال ابن عباس : فأجاب الله دعاء أبي بكر ، فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله ولم يترك شيئا من الخير إلّا أعانه الله عليه ، (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) أي واجعل الصلاح راسخا في ذريتي.
قال ابن عباس : لم يبق لأبي بكر ولد من الذكور والإناث إلا وقد آمنوا (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ) عما يشغلني عن ذكرك (وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥) الذين أخلصوا لك أنفسهم ، (أُولئِكَ) أي أهل هذا القول (الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) من الطاعات ، فالمباح حسن لا يثاب عليه (وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ). وقرأ الأخوان وحفص الفعلين بفتح النون. والباقون بياء مضمومة ببنائهما للمفعول ، ورفع «أحسن». وقرأ الحسن والأعمش وعيسى بياء مفتوحة فيهما ، والفاعل الله تعالى. (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) أي كائنين في جملتهم (وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (١٦) أي وعدهم الله وعدا صادقا في الدنيا على لسان الرسول صلىاللهعليهوسلم (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) عند دعوتهما له إلى الإيمان : (أُفٍّ لَكُما) أي قذرا لكما. وقرئ «أف» بفتح الفاء وكسرها بغير تنوين وبالحركات الثلاث مع التنوين لكن القراءات السبعية ثلاثة : كسر الفاء مع التنوين وتركه وفتحها من غير تنوين وهو صوت إذا صوت الإنسان به علم أنه متضجر كما إذا قال : أوه ، علم أنه متوجع واللام في لكما لبيان المؤفف له معناه هذا التأفيف لأجلكما خاصة دون غير كما (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) أي أن أبعث من القبر.
وقرأ هشام بإدغام النون الأولى في الثانية. وقرأ بعضهم بفتح النون كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرين ، والياء ففتح الأولى تحريا للتخفيف. وقرئ «أن أخرج» بفتح الهمزة وضم الراء. (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) أي وقد مضت الأمم من قبلي ولم يبعث منهم أحد ، (وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) أي ووالداه يدعوان الله أو يستغيثان بالله من كفره وإنكاره للبعث قائلين له : (وَيْلَكَ) وهو دعاء بالهلاك. والمراد به التحريض على الإيمان (آمِنْ) أي صدق بالبعث (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث بعد الموت (حَقٌ) أي كائن. وقرئ «أن» بفتح الهمزة ، أي آمن بأن وعد الله حق (فَيَقُولُ) مكذبا لهما (ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٧) ، أي ما هذا الذي تسميانه وعد الله إلّا أكاذيب الأولين التي كتبوها في كتبهم من غير أن يكون لها حقيقة ، (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي ثبتت عليهم كلمة العذاب (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ) أي مع أمم قد مضت (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أي من كفارهم ، (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (١٨) أي قد ضيّعوا أعمارهم في الضلال.
قال ابن عباس والسدي : نزل قوله تعالى : (وَالَّذِي قالَ) إلخ في عبد الله ابن أبي. وقيل : في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام فأبى وقال : أف لكما إلخ ، ثم أسلم وحسن إسلامه وصار من أفاضل المسلمين فالّذين قالوا : والمراد بقوله تعالى : والّذي قال لوالديه : أف كل عاق لوالديه فأجر لربه قالوا : إن الوعيد في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَ