تعالى فيكون النصر للمؤمنين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (أَطِيعُوا اللهَ) فيما أمركم من الفرائض والصدقة ، (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) فيما أمركم من الجهاد والسنة (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (٣٣) بالكفر ، والنفاق ، والعجب ، والرياء ، والسمعة ، والمن ، والأذى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٣٤) أي إن الله لا يغفر الشرك ويغفر غيره إن شاء (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) أي إذا علمتم وجوب الجهاد فلا تضعفوا بالقتال مع العدو ولا تدعوا الكفار إلى الصلح وأنتم الأعلون أي الغالبون وهذه جملة حالية فتدعوا إما معطوف على المجزوم ، أو جواب النهي منصوب بإضمار أن ، وقرأ حمزة ، وشعبة «السلم» بكسر السين ، (وَاللهُ مَعَكُمْ) وهذا إرشاد يمنع المكلف من الإعجاب بنفسه وذلك لأن الله تعالى لما قال : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) كان ذلك سبب الافتخار ، فقال تعالى : (وَاللهُ مَعَكُمْ) أي ليس ذلك العلو على الكفار من أنفسكم ، بل من الله تعالى وأيضا لما كان المؤمنون يرون ضعف أنفسهم وقلتهم وشوكة الكفار وكثرتهم قال تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) وما كان الأمر بما يقع في نفس بعضهم أنهم كيف يكون لهم الغلبة فقال تعالى : (وَاللهُ مَعَكُمْ) أي والله ناصركم فلا يبقى لكم شك في أن الغلبة لكم ، (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) (٣٥) أي ولن يضيعها والمعنى : أن الله ينصركم ومع ذلك لا ينقص من أعمالكم شيئا أي فكأن النصرة جعلت بكم ومنكم فكأنكم مستقلون في ذلك النصر فيعطيكم أجوركم بالتمام. (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) أي أن الاشتغال بالدنيا أعمال ضائعة ومشغلة عن طاعة الله تعالى (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) أي يعطكم ثواب إيمانكم وتقواكم وثواب كل أعمالكم (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) (٣٦) أي ولا يطلب منكم إخراج أموالكم كلها بحيث يخل الإخراج بمعاشكم ، بل يطلب منكم إنفاق القليل من الأموال في طاعته تعالى ليرجع ثوابه إليكم (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) (٣٧) أي لو طلب الله جميع أموالكم وألح عليكم في الطلب لما تعطونها ، وأخرج الله أو الطلب أو البخل أحقادكم كيف وأنتم تبخلون باليسير لا فكيف لا تبخلون بالكثير ومن نوزع في حبيبه ظهرت طويته التي كان يسرها.
وقرئ «ونخرج» بنون العظمة ، وقرئ «ويخرج» بالياء والتاء وفاعله «أضغانكم» أي ويخرج بسبب البخل الضغائن فيفضي إلى قتال الطالبين ، وهم النبي وأصحابه (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي أنتم الذين تطلبون لتنفقوا في طاعة الله من الزكاة ونفقة الغزو وغيرهما (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) أي فمنكم ناس يبخلون ، ومنكم من يجود ، (وَمَنْ يَبْخَلْ) بالإنفاق في طاعة الله (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) أي فإنما يمسك الثواب عن نفسه فإن من يبخل وهو مريض بأجرة الطبيب ، وبثمن الدواء فلا يبخل إلا على نفسه ، (وَاللهُ الْغَنِيُ) فلا يحتاج إلى مالكم ، (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) فلا تقولون : نحن أغنياء عن القتال ودفع حاجة الفقراء فإنهم لا غنى لهم عن ذلك ، لأنهم لولا القتال لقتلهم الكفار ، ولولا دفع حاجة الفقراء لقصدوهم بسوء وكيف