كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) (٤٢)! والمعنى : أتهديهم لوجه الله أم تسألهم أجرا ، فتثقلهم عن الاتباع ، أم عندهم الغيب فلا يحتاجون إليك ، فيعرضون عنك أم ليس لهم شيئا من هذين الأمرين بل يريدون العذاب بغتة من حيث لا يشعرون ، فالذين كفروا معذبون. (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) يمنعهم من عذاب الله (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٣) أي عن الذي يشركون من الولد ومن مثل الآلهة ، لأنهم كانوا يقولون : البنات لله ، وكانوا يقولون : هو تعالى مثل ما يعبدونه ، (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤) أي لو عذبنا كفار مكة بنزول قطع من السماء عليهم لم ينتهوا عن طغيانهم ، ولم يرجعوا عن عنادهم ولقالوا في هذا النازل إغاظة لمحمد : هذا سحاب تراكب بعضه على بعض يمطرنا ولم يصدقوا أنه قطعة نازلة للعذاب ، (فَذَرْهُمْ) أي إذا تبين أنهم لا يرجعون عن الكفر فاتركهم على شر أحوالهم ، (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (٤٥) أي يهلكون بالقتل يوم بدر.
وقرئ «يلقوا». وقرأ ابن عامر وعاصم «يصعقون» بضم الياء مبنيا للمفعول ، وباقي السبعة بفتحها مبينا للفاعل. وقرأ أبو عبد الرحمن بضم الياء وكسر العين. (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) أي يوم لا يدفع عنهم مكرهم ـ في مناصبتهم يوم بدر ـ شيئا من الهلاك (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٦) أي ولا يمنعون من القتل والأسر النازلين بهم في ذلك اليوم ، (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) أي إن لهؤلاء الظلمة بعبادتهم الأوثان (عَذاباً دُونَ ذلِكَ) أي قبل ما لاقوه من القتل يوم بدر ، وهو القحط الذي أصابهم سبع سنين. وقرئ دون ذلك قريبا (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٧) أن العذاب يلاقوه. (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) بإبقائك فيما بينهم مع مقاساة الأحزان (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) أي بمنظر منا وفي حفظنا ، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (٤٨) من موضعك أي حين تعزم على القيام وقد ورد في الخبر : «إن من قال سبحان الله من قبل أن يقوم من مجلسه يكتب ذلك كفارة لما يكون قد صدر منه من اللغط واللغو في ذلك المجلس». (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) فإن العبادة فيه أشق على النفس وأبعد عن الرياء (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) (٤٩) أي وقت الصبح حين يذهب ضياؤها بضوء الشمس.