سورة القمر
وتسمى سورة اقتربت ، مكية ، خمس وخمسون آية ، ثلاثمائة
واثنتان وأربعون كلمة ، ألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) أي دنا قيام الساعة بخروج محمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١) نصفين من علامات قرب الساعة.
روى أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً) أي عظيمة (يُعْرِضُوا) عن الإيمان بها (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٢) أي هذا سحر دائم يأتي به محمد على مر الزمان ، أو قوي لا يمكن إزالته. وقيل : أي مار يزول ولا يبقى. وقيل : أي شديد المرارة فلا نقدر أن نسيغه كما لا نسيغ المر. وقرئ «وإن يروا» على البناء للمفعول ، (وَكَذَّبُوا) بالآية بكونها دالة على صدق الرسول ، (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) أي فقالوا : إنه سحر القمر أو سحر أعيننا ، (وَكُلُّ أَمْرٍ) من الخير والشر (مُسْتَقِرٌّ) (٣) فكل عامل يرى في الآخرة أثر عمله. وقرئ «مستقر» بالجر صفة لـ «أمر» فـ «كل» عطف على الساعة ، أي اقتربت الساعة وكل أمر مستقر ، (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) (٤) أي وبالله لقد جاءهم في القرآن كائنا من أخبار الأمم الماضية المهلكين ما فيه ازدجار. وقرئ «مزجر» بقلب تاء الافتعال زايا وإدغامها فيه. وقرأ زيد بن علي «مزجر» بصيغة اسم الفاعل ذو زجر. (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) أي لا خلل فيها بدل من «ما». وقرئ بالنصب حالا منها (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥) و «ما» إما نافية. والمعنى : إن الرسل لم يبعثوا ليلجأوا قومهم إلى الحق وإنما أرسلوا مبلغين وإما استفهامية ، والمعنى : إنك يا أشرف الرسل أتيت بما عليك من الدعوة وإظهار الآية عليها ، فكذبوك ، فأنذرتهم بما جرى على المكذبين ، فلم يفدهم إنذارك فهذه حكمة بالغة ، فأيّ شيء من الأمور النافعة غير هذا تحصله فلم يبق عليك شيء آخر ، (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي لا تناظرهم بالكلام ـ وهذه الآية غير منسوخة ـ (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) (٦) و «يوم» منصوب بـ «يخرجون» ، و «خشعا» حال من فاعل «يخرجون» ، وكذا جملة «كأنهم» إلخ وقرأ