سورة الواقعة
مكية ، سبع وتسعون آية ، ثلاثمائة وثمان وتسعون كلمة ، ألف وسبعمائة وثلاثة أحرف
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٢) أي إذا قامت القيامة يعترف بها كل أحد ويبطل عناد المعاندين ولا يتمكن أحد من من إن كارها والعامل في «إذا» «ليس لوقعتها كاذبة» فاللام بمعنى في ، أي ليس كاذبة توجد في وقت وقوعها ، أو بمعنى عندي أي لا يكون عند وقوعها نفس تكذب في نفيها ، وإنما سميت القيامة واقعة لشدة صوتها يسمع القريب والبعيد ، (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣) أي هي خافضة للكافرين في دركات النار والعذاب ، ورافعة للمؤمنين في درجات الجنة والنعيم.
وقرئ «خافضة رافعة» بالنصب على الحال من «الواقعة» ، (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) (٤) ، أي إذا زلزلت الأرض زلزالا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل ، و «إذا» متعلقة بـ «خافضة» رافعة أو بدل من «إذا وقعت». (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٥) أي فتتت الجبال فتا ، (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (٦) أي فصارت الجبال غبارا منتشرا ، (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) (٧) أي وصرتم في ذلك اليوم أيها الخلائق ثلاثة أصناف ، اثنان في الجنة وواحد في النار ، ثم بينهم الله تعالى بقوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (٨) أي فأهل الجنة الذين يعطون كتابهم بيمينهم ، أيّ شيء هم في حالهم ، فهم في غاية حسن الحال في الكرامة والسرور (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (٩) أي وأهل النار الذين يعطون كتابهم بشمالهم أيّ شيء هم في حالهم ، فهم في غاية سوء الحال وهم في الهوان والعذاب ، (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (١٠) أي والسابقون الذين لا حساب عليهم هم الذين اشتهرت أحوالهم وعرفت محاسنهم ، فهم يسبقون الخلق إلى الجنة من غير حساب ، فالسابقون إلى الخيرات في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى ، (أُولئِكَ) أي السابقون (الْمُقَرَّبُونَ) (١١) إلى الله تعالى (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (١٢) في أعلى عليين ، فلهم قرب عند الله كما يكون الجلساء الملوك فهم لا يكون بيدهم شغل ولا يرد عليهم أمر ، فيلتذون بالقرب ويتنعمون بالراحة ، بخلاف قرب الملائكة الذين هم للأشغال ، فهو قرب الخواص عند الملك ، فهم ليسوا في نعيم وإن كانوا في لذة عظيمة ، ولا يزالون خائفين قائمين بباب الله يرد عليهم الأمر