لكم في أن لا تفعلوه (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات ، أي إذا كنتم راجعين إلى الله تعالى وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأطعتم الله ورسوله في سائر الأوامر ، فقد كفاكم هذا التكليف ، (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٣) ظاهرا وباطنا ، فهو محيط بأعمالكم ونياتكم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) أي ألم تنظر يا أشرف الخلق إلى المنافقين الذين اتخذوا اليهود أولياء (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) أي ليس المنافقون منكم أيها المسلمون في السر ، ولا من اليهود في العلانية ، لأنهم منافقون مذبذبون بين ذلك ، (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) أي ويقولون : والله إنا لمسلمون ، أو إنا لا يشتمون الله ورسوله ولا يكيدون المسلمين. يروى أن عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم يرفع حديثه إلى اليهود ، فبينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجرته إذ قال : يدخل عليكم اليوم رجل ينظر بعيني شيطان ، فدخل رجل عيناه زرقاوان ، وهو عبد الله بن نبتل ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «لم تسبني أنت وأصحابك؟» فحلف بالله ما فعل ، فانطلق وجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما سبوه ، فأنزل الله هذه الآية قيل : نزلت في شأن عبد الله بن أبي وأصحابه بولايتهم مع اليهود ، (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤) أنهم كاذبون في حلفهم فيمينهم يمين غموس لا عذر لهم فيها (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) أي للمنافقين بسبب ذلك (عَذاباً شَدِيداً) أي متفاقما لا طاقة لهم به في القبر ، (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٥) في نفاقهم فيما مضى من الزمان المتطاول ، فتمرنوا على سوء العمل وأصروا عليه (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) أي حلفهم الكاذبة (جُنَّةً) أي سترة عن دمائهم وأموالهم. وقرأ الحسن «إيمانهم» بكسر الهمزة أي اتخذوا إظهار إيمانهم لأهل الإسلام وقاية عن ظهور نفاقهم وكيدهم للمسلمين ، وسترة عن أن يقتلهم المسلمون ، فلما أمنوا من القتل اشتغلوا بصد الناس عن الدخول في الإسلام بإلقاء الشبهات في القلوب وتقبيح حال الإسلام وذلك قوله تعالى : (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي صرفوا الناس في السر عن دين الله (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٦) ، أي يهانون به في الآخرة (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي لن تدفع عنهم كثرة أموالهم ولا كثرة أولادهم من عذاب الله شيئا من الدفع ، (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) أي ملاقوها (هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١٧) أي لا يخرجون منها أبدا.
روي أن واحدا منهم قال : لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأموالنا وأولادنا فنزلت هذه الآية. (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً) قيل : هو ظرف لقوله تعالى : (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) ، (فَيَحْلِفُونَ لَهُ) أي بين يدي الله ما كنا كافرين ولا منافقين ، (كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) في الدنيا (وَيَحْسَبُونَ) في الآخرة (أَنَّهُمْ) بتلك الأيمان الفاجرة (عَلى شَيْءٍ) من جلب منفعة ، أو دفع مضرة ، كما كانوا عليه في الدنيا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٨) ، عند الله في حلفهم أي أنهم لشدة توغلهم في النفاق ظنوا يوم القيامة أنه يمكنهم ترويج كذبهم بالأيمان الكاذبة على علام الغيوب ، فكأن هذا الحلف الذميم يبقى معهم أبدا ، (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ) أي غلب على أمور المنافقين الشيطان ، (فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) فلا