سورة الممتحنة
وتسمى سورة براءة والمبعثرة ، والفاضحة ، مدنية ، ثلاث عشرة آية ،
ثلاثمائة وثمان وأربعون كلمة ، ألف وخمسمائة وعشرة أحرف
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي) في الدين (وَعَدُوَّكُمْ) في القتل ، وهم كفار مكة (أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) ، أي توصلون المودة بينكم وبينهم. روي أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة كتابا : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد أن يغزوكم ، فخذوا حذركم ، ثم أرسله مع سار مولاة أبي عمرو بن صيفي ، فأتاها حاطب وأعطاها عشرة دنانير ، وكساها بردا ، واستحملها ذلك الكتاب إلى أهل مكة ، فخرجت سائرة ، فأطلع الله رسوله على ذلك ، فبعث عليا ، وعمارا ، وطلحة ، والزبير ، والمقداد ، وأبا مرثد وقال : انطلقوا حتى تألوا روضة خاخ ـ موضع بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلا ـ فإن فيها ظعينة معها كتاب حاطب إلى أهل مكة ، فخذوه منها ، واتركوها ، فإن أبت فاضربوا عنقها فأدركوها ثمة ، وسألوا عن ذلك فأنكرت وحلفت ما معها كتاب ، فسل على سيفه وقال : والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخرجته من عقاص شعرها ، فخلوا سبيلها ، فجاءوا بالكتاب إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فاستحضر رسول صلىاللهعليهوسلم حاطبا وقال له : «هل تعرف هذا الكتاب؟» قال : نعم ، قال «ما حملك على هذا؟» (١) قال : إن لي بمكة أهلا ومالا ، فأردت أن أتقرب منهم ، وقد علمت أن الله تعالى ينزل بأسه عليهم وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا ، وأن الله ناصرك عليهم ، فصدقه ، وقبل عذره فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنه شهد بدرا وما يدريك يا عمر لعل الله تعالى اطلع على أهل بدر» فقال لهم : «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (٢)
__________________
(١) رواه النسائي في السنن (٨ : ٢٤٠) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٤ : ٧٩) ، وعبد الرزاق في المصنف (١٧٩٣٢) ، وابن حجر في المطالب العالية (٢٢٠٦) ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (٥ : ٣٨٧) ، وأبو نعيم في تاريخ أصفهان (١ : ١٠٧).
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٦ : ١٨٦) ، ومسلم في فضائل الصحابة ١٦٢ ، والسيوطي في الدر المنثور (٦ : ٢٠٣) ، والزبيدي في إتحاف السادة المتّقين (٧ : ١٣٦) ، والمتقي الهندي في كنز العمال (٢٠١٩٣).