سورة المنافقون
مدنية ، إحدى عشرة آية ، مائة وثمانون كلمة ، سبعمائة وستة وسبعون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) أي إذا حضر مجلسك منافقو أهل المدينة عبد الله بن أبي ، ومعتب بن قشير ، وجد بن قيس ، وكانوا بني عم (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وقولهم : «نشهد» نفي للنفاق عن أنفسهم.
روى زيد بن أرقم قال : كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول : لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فذكرت ذلك لعمي فذكر ذلك عمي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فأرسل رسولا إلى عبد الله بن أبي وأصحابه ، فحلفوا ما قالوه ، فصدقهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكذبني ، فأصابني همّ لم يصبني مثله ، فجلست في بيتي ، فأنزل الله عزوجل : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) إلى قوله : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) إلى قوله : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) فأرسل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : إن الله قد صدقك. (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) سواء أشهد المنافقون بذلك أم لا. وهذه جملة معترضة بين قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وبين قوله تعالى : (وَاللهُ يَشْهَدُ) إلخ لإماطة توهم توجه التكذيب إلى منطوق كلامهم (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (١) من إخبارهم عن أنفسهم أنهم يشهدون ، فإن ضمير قلوبهم على غير تلك الشهادة (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) الكاذبة (جُنَّةً) أي سترة عما خافوا على أنفسهم من القتل.
وقرأ الحسن بكسر همزة «إيمانهم» (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي أعرضوا بأنفسهم عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله وقد منعوا الضعفة عن اتباع رسول الله في السر وعن الإنفاق في سبيل الله ،
(إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢) حيث آثروا الكفر على الإيمان وأظهروا خلاف ما أضمروا (ذلِكَ) أي سوء أعمالهم ، (بِأَنَّهُمْ آمَنُوا) في الظاهر وشابهوا المسلمين في نطق كلمة الشهادة وفي الأفعال ، (ثُمَّ كَفَرُوا) أي ثم ظهر كفرهم بعد ذلك بقولهم : إن كان ما يقول محمد حقا فنحن حمير. وبقولهم في غزوة تبوك : أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات