وقال ابن عرفة : و «عسى» هنا للتخويف لا للوجوب ، وجملة «عسى» واسمها وخبرها جواب الشرط أي إن طلقكن فعسى ربه أن يبدله (مُسْلِماتٍ) أي مقرات بالألسن ، (مُؤْمِناتٍ) أي مصدقات بالقلوب بتوحيد الله تعالى ، (قانِتاتٍ) أي مطيعات لله ولأزواجهن.
وقيل : قائمات بالليل للصلاة (تائِباتٍ) من الذنوب ، (عابِداتٍ) أي كثيرات العبادات متذللات لأمر الرسول عليهالسلام ، (سائِحاتٍ) أي صائمات كما قاله ابن عباس ، أو مهاجرات كما قاله الحسن. وقرئ «سيحات». (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٥) فالثيب : تمدح من جهة أنها أكثر تجربة وعقلا ، وأسرع حبلا غالبا ، والبكر : تمدح من جهة أنها أطهر وأطيب وأكثر مداعبة غالبا ، وسميت الثيب ثيبا ، لأنها ثابت أي رجعت إلى بيت أبويها ، وسميت العذراء بكرا لأنها على أول حالتها التي خلقت بها. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) أي علموا أنفسكم ونساءكم وأولادكم الخير ، وأدبوهم بأن تأمروهم بالخير وتنهوهم عن الشر تقوهم بذلك نارا ، وقرئ «وأهلوكم» عطفا على «واو قوا» فيكون أنفسكم عبارة عن أنفس الكل ، أي قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم نارا ، (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) أي حطبها الكفار وحجارة الكبريت. وقرئ «وقودها» بضم الواو (عَلَيْها) ، أي النار (مَلائِكَةٌ) تسعة عشر وهم الزبانية ، (غِلاظٌ) أي غلاظ القلوب لا يرحمون ، إذا استرحموا خلقوا من الغضب وحبب إليهم عذاب الخلق كما حبب لبني آدم أكل الطعام والشراب ، (شِدادٌ) أي شداد الخلق ، أقوياء على الأفعال الشديدة ، (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ) بدل اشتمال من الله ، أي لا يعصون أمره ، أو منصوب على نزع الخافض. أي فيما أمرهم به من عذاب أهل النار ، (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٦) أي يؤدون ما يؤمرون به من غير توان ويقولون للكفار عند ادخالهم النار : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) إذ الاعتذار هو التوبة ، وهي غير مقبولة بعد الدخول في النار فلا ينفعكم الاعتذار ، (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٧) ، أي جزاء أعمالكم ، أي إنما أعمالكم السيئة ألزمتكم العذاب. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) أي بالغة في النصح بأن يتوبوا عن القبائح نادمين عليها غاية الندامة ، لا يعودون إليها ، وقرأ شعبة بضم النون وهو مصدر ، أي ذات نصوح أو تنصح نصوحا ، أو توبوا لينصح أنفسكم. والباقون بفتحها فهو صفة مشبهة ، (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أي أن يغفر لكم ذنوبكم بالتوبة (وَيُدْخِلَكُمْ) في الآخرة (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَ) ظرف «ليدخلكم» ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي صاحبوه في وصف الإيمان ، والموصول إما معطوف على النبي وإما مبتدأ خبره جملة قوله تعالى : (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) عند المشي على الصراط ، (وَبِأَيْمانِهِمْ) أي ويسعى عنن إيمانهم عند الحساب ، لأنهم يؤتون التاب بإيمانهم وفيه نور (يَقُولُونَ) أي المنافقين خائفين من أن يطفأ نورهم (رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) أي أبق لنا نورنا (وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٨). وقيل : الذين يمرون على الصراط حبوا وزحفا هم