الإشارة صارفة لهم عن الدين وقرأ العامة كبارا بضم الكاف وتشديد. الباء وقرأ عيسى وأبو السماك وابن محيصن بالضم والتخفيف. وقرأ زيد بن علي وابن محيصن أيضا بكسر الكاف وتخفيف الباء. (وَقالُوا) أي الرؤساء للسفلة معطوف على الصلة أيضا ، أي واتبعوا من قالوا : (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) أي لا تتركوا عبادتها إلى عبادة رب نوح ، (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (٢٣) أي ولا تتركن عبادة هؤلاء. وقرأ نافع «ودا» بضم الواو والباقون بفتحها وقرأ العامة «يغوث ويعوق» بغير تنوين للعلمية والوزن ، أو للعلمية والعجمة. وقرأهما الأعمش مصروفين للتناسب أو على لغة من يصرف غير المنصرف مطلقا ولعل هذه الأسماء الخمسة أسماء أولاد آدم ، فلما ماتوا قال إبليس لمن بعدهم : لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم ففعلوا فلما مات أولئك قال لمن بعدهم : إنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم حتى بعث الله نوحا عليهالسلام ، ولهذا السبب نهى الرسول عن زيارة القبور أولا ، ثم أذن فيها وقال : كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإن زيارتها تذكرة ، (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) معطوف على صلة من أي واتبعوا من قد أضلوا خلقا كثيرا وهم الرؤساء ، أو الأصنام أجريت مجرى الآدميين كقوله تعالى : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ). (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ) أي المشركين (إِلَّا ضَلالاً) (٢٤) أي عذابا أو ضلالا في أمر دنياهم ، وهذا معطوف على قوله تعالى : (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) على حكاية كلام نوح بعد «قال» ، وبعد «الواو» النائبة عنه ، قالوا : وليست من كلام نوح لئلا يعطف الإنشاء على الإخبار لكن الظاهر أن المراد بالأخبار طلب للنصرة عليهم ، فيجوز أن تكون الواو من كلام نوح ، أي قال نوح : رب إنهم عصوني وقد عجزت وأيست عنهم فانصرني عليهم وقال : لا تزد الظالمين إلا ضلالا ، (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) و «ما» صلة و «من» تعليلية أي من أجل خطيئاتهم وبسببها أغرقوا بالطوفان لا بسبب آخر ، وقرأ أبو عمرو «خطاياهم». وقرأ ابن مسعود «من خطيئاتهم ما أغرقوا» فأخّر كلمة «ما» فعلى هذه القراءة فـ «ما» مع ما بعده في تقدير المصدر. وقرئ «خطياتهم» بقلب الهمزة ياء وإدغام الياء فيها. وقرئ «خطيئتهم» بالتوحيد على إرادة الجنس ، أو إرادة الكفر فقط والخطيئات والخطايا كلاهما جمع خطيئة إلا أن الأول جمع سلامة ، والثاني جميع تكسير (فَأُدْخِلُوا ناراً) في القبر فإن عذاب القبر عقب الإغراق وإن كانوا في الماء ، لأن الفاء تدل على أن إدخالهم في النار حصل عقب الإغراق فلا يمكن حمل النار على عذاب جهنم في الآخرة.
قال الضحاك : إنهم كانوا في حالة واحدة يغرقون من جانب ويحرقون في الماء من جانب بقدرة الله تعالى ، (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) (٢٥). وهذا تعريض بأنهم إنما واظبوا على عبادة الأصنام لتكون دافعة للآفات عنهم جالبة للمنافع إليهم ، فلما جاءهم عذاب الله لم ينتفعوا بتلك الأصنام ، وما قدرت هي على دفع عذاب الله تعالى عنهم. (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) أي أحدا (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) عن دينك من آمن بك ومن أراد أن