صَعَداً) (١٧) أي يدخله في عذاب شديد. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالياء التحتية لإعادة الضمير على الله. والباقون بالنون.
روى عكرمة عن ابن عباس رضياللهعنهما ، أن «صعدا» جبل في جهنم وهو صخرة ملساء ، أو نحاس ، فيكلف الكافر صعودها ، ثم يجذب من أمامه بسلاسل ويضرب من خلفه بمقامع حتى يبلغ أعلاها في أربعين سنة ، فإذا أعلاها جذب إلى أسفلها ، ثم يكلف الصعود مرة أخرى فهذا دأبه أبدا ، (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) أي وأوحي إلي أن المساجد لله (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١٨) ، أي فلا تعبدوا مع الله أحد أحدا غيره ، والمراد بالمساجد البيوت التي تبنيها أهل الملل للعبادة ، فيدخل فيها الكنائس والبيع ، ومساجد المسلمين ، وذلك أن أهل الكتاب يشركون في صلاتهم في البيع والكنائس ، فأمر الله المسلمين بالتوحيد والإخلاص ، (وَأَنَّهُ) أي وأوحى إلى أن الحديث (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (١٩) ، أي لما قام النبي يعبد الله لصلاة الفجر ببطن نخل كاد الجن يزدحمون عليه متراكمين تعجبا مما رأوا من عبادته ومن اقتداء أصحابه به قائما ، وراكعا ، وساجدا وإعجابا بما تلا من القرآن ، لأنهم رأوا ما لم يروا مثله ، وسمعوا ما لم يسمعوا مثله ، وقرأ نافع وشعبة بكسر الهمزة على الاستئناف بناء على أن هذا من كلام الجن لا من جملة الموحى ، والمعنى : وأنه لما أقام النبي يعبد الله وحده مخالفا للمشركين في عبادتهم الأوثان كاد المشركون يزدحمون عليه متراكمين ليبطلوا الحق الذي جاء به ويطفئوا نور الله ، فأبى الله إلا أن ينصره على من عاداه ، وقرأ هشام «لبدا» بضم اللام. والباقون بكسرها.
واعلم أن «أن» المشددة في هذه السورة ستة عشرة ، ثنتان منها يجب فيهما الفتح «أنه استمع» و «أن المساجد لله». وواحدة يجب فيها الكسر «إنا سمعنا». وثلاثة عشر يجوز فيها الوجهان فالاثنتا عشرة فتحها الأخوان وابن عامر ، وحفص ، وكسرها الباقون وهي : و «أنه تعالى جد ربنا» و «أنه كان يقول» و «أنا ظننا» ، و «أنه كان رجال» و «أنهم ظنوا» ، و «أنا لمسنا السماء» ، و «أنا منا» و «أنا لا ندري» ، و «أنا منا الصالحون» و «أنا ظننا» و «أنا لما سمعنا» ، و «أنا منا المسلمون». والواحدة كسرها ابن عامر وأبو بكر ، وفتحها الباقون وهي : و «أنه لما قام عبد الله» (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي) أي أعبده وأدعو الخلق إليه ، (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) (٢٠) أي ولا أشرك بربي في العبادة أحدا. قرأ العامة «قال» على الغيبة. وقرأ عاصم وحمزة «قل» ليكون نظير لما بعده ، وسبب نزول هذه الآية أن كفار قريش قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنك جئت بأمر عظيم ، وقد عاديت الناس كلهم ، فارجع عن هذا ، ونحن نجيرك. فنزلت. وهذا حجة لعاصم وحمزة ، ومن قرأ «قال» حمل ذلك على أن القوم لما قالوا ذلك أجابهم النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله : «إنما أدعو ربي» ، فحكى الله ذلك عنه بقوله قال : أو يكون ذلك من بقية حكاية الجن أحوال الرسول لقومهم ، (قُلْ) يا أشرف الخلق لهؤلاء الذين خالفوك : (إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً) (٢١) ، أي إني لا أقدر أن