سورة القيامة
مكية ، تسع وثلاثون آية ، مائة وسبع وتسعون كلمة ، ستمائة واثنان وخمسون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٢) أي النفوس الشريفة التي لا تزال تلوم نفسها في الدنيا والآخرة ، فإذا اجتهدت في الطاعة تلوم نفسها على عدم الزيادة ، وإذا قصرت تلوم نفسها على التقصير والمعنى : لا أقسم عليك بذلك اليوم ولا بتلك النفس ، ولكني أسألك غير مقسم أتحسب أنا لا نجمع عظامك إذا تفرقت بالموت ، فإن كنت تحسب ذلك فاعلم أنا قادرون على أن نفعل ذلك وذلك قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) أي المكذب بالبعث ، (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) (٣) أي أن الحديث لن نقدر على أن نجمع عظامه بعد تفريقها. وقرأ قتادة «أن لن تجمع عظامه» على البناء للمفعول.
روي أن عدي بن أبي ربيعة ـ ختن الأخنس بن شريق ـ قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره ، فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ، ولم أومن بك ، أو يجمع الله العظام بعد صيرورتها ترابا ، فنزلت هذه الآية.
وقال ابن عباس : المراد بالإنسان هاهنا أبو جهل فإنه أنكر البعث بعد الموت. قال تعالى في جوابه : (بَلى) فهذه الكلمة أثبتت ما بعد النفي ـ وهو الجمع ـ أي بلى نجمعها والوقف هنا تام. وقال أبو عمرو : كاف (قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤) أي كنا قادرين أن نخلق أطراف أصابعه في الابتداء ، فوجب أن نبقى قادرين على الإعادة في الانتهاء. وقرأ ابن أبي عبلة «قادرون» بالرفع ، أي ونحن قادرون. (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) (٥) أي بل يريد الإنسان أن يكذب بيوم القيامة ، وهو أمامه فمن كذب حقا كان فاجرا ، (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) (٦) أي يسأل الإنسان سؤال متعنت ومستبعد متى يوم القيامة ، (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٧).
قرأ نافع بفتح الراء أي شخص البصر عند معاينة أسباب الموت والملائكة. والباقون بالكسر أي تحير البصر فزعا فلم يطرف. وقرأ أبو السمال «بلق» بمعنى انفتح ، (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨) أي ذهب ضوءه. وقرئ و «خسف القمر» على البناء للمفعول ، أي ذهب بنفسه ،