ذلك من الواجبات على الرسول ، ثم نسخ ، فالأمر للوجوب لا سيما إذا تكرر على سبيل المبالغة ، (إِنَّ هؤُلاءِ) أي الكفرة من أهل مكة ، (يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) وينهمكون في لذاتها الفانية ، (وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) (٢٧) ، أي ويتركون وراءهم مصالح يوم ثقيل ، أي شديد هو له وعذابه ، (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) ، أي أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب ، (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) (٢٨) ، أي وإذا شئنا أهلكنا هؤلاء الكفرة وأتينا بأشباههم في الخلقة ، فجعلناهم بدلا منهم ، (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) أي إن هذه السورة عظة للخلق من الله ، (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٢٩) ، أي فمن شاء الخير لنفسه في الدنيا والآخرة تقرب إلى الله بالعمل بما في هذه السورة ، (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أي وما تقدرون على تحصيل اتخاذ السبيل إلى الله في وقت من الأوقات إلا وقت مشيئة الله تحصيله لكم. وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير «وما يشاءون» بالياء التحتية. وقرأ ابن مسعود «إلا ما يشاء الله». (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (٣٠) أي إنه تعالى مبالغ في العلم والحكمة فلا يشاء لهم إلا ما يستدعيه علمه وتقتضيه حكمته ، (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) بأن يوفقه للإيمان المؤدي إلى دخول الجنة (وَالظَّالِمِينَ) وهم الذين صرفوا مشيئتهم إلى غير اتخاذ السبيل إلى الله ، (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٣١) ، أي متناهيا في الإيلام وقرأ عبد الله بن الزبير «والظالمون» بالرفع على الابتداء.