سورة التكوير
مكية ، تسع وعشرون آية ، مائة وأربع كلمات وخمسمائة وثلاثة وثلاثون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١) أي لفت أي صارت مختفية عن الأعين. وقيل : أي رميت عن الفلك. وعن ابن عباس رضياللهعنهما «تكويرها» إدخالها في العرش ، (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (٢) ، أي تساقطت على وجه الأرض. وعن ابن عباس رضياللهعنهما : إن النجوم قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور بأيدي ملائكة من نور ، فإذا مات من في السموات ومن في الأرض تساقطت من أيديهم. (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) (٣) عن وجه الأرض بالرجفة ، (وَإِذَا الْعِشارُ) أي النوق الحوامل التي هي أنفس ما يكون عند أهلها ، (عُطِّلَتْ) (٤) أي تركت من غير راع لاشتغال أربابها بأنفسهم. وقيل : أي وإذا السحب تعطلت عن الماء. وقرئ «عطلت» بالتخفيف ، (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٥) أي جمعت من كل جانب لا للقصاص. وقيل : بعثت للقصاص إظهارا للعدل.
قال قتادة : يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص ، فإذا قضي بينها ردت ترابا فلا يبقى منها إلا ما فيه سرور لبني آدم وإعجاب بصورته كالطاوس ونحوه. وقرئ «حشرت» بالتشديد ، (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٦) أي ملئت من الماء ، فيفيض بعضها إلى بعض ، فتصير شيئا واحدا ، ثم تيبس البحار من الماء ، ثم تقلب نارا.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف الجيم ، وهذه العلامات الستة يمكن وقوعها في أول زمان تخريب الدنيا. أما الستة الباقية فإنها مختصة بالقيامة وهي ما ذكر بقوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) (٧) أي ردت الأرواح إلى أجسادها.
وقال ابن عباس : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت نفوس الكافرين بالشياطين.
وقال الزجاج : قرنت النفوس بأعمالها ، (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) (٨) أي وإذا البنت المدفونة حية سئلت تبكيتا لمن دفنها في القبر وهي حية (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) ، أي هي وذلك كأن قيل