حمير يقال له يوسف ذو نواس بن شرجيل في الفترة قبل أن يولد النبي صلىاللهعليهوسلم بسبعين سنة ، وكان في بلاده غلام يقال له عبد الله بن تامر ، وكان أبوه سلمه إلى معلم يعلمه السحر فكره ذلك الغلام ولم يجد بدا من طاعة أبيه ، فجعل يتردد إلى المعلم ، وكان في طريقه راهب حسن الصوت ، فأعجبه ذلك ، فقعد إليه ، وسمع كلامه ذاهبا ، وراجعا فدعا الناس إلى دين عيسى عليهالسلام ، فأجابوه فسار إليه ذو نواس اليهودي بجنود من حمير فخيره بين النار واليهودية ، فأبى إلى أن قال الغلام للملك : إنك لا تقدر على قتلي إلا أن تفعل ما أقول ، قال : فكيف أقتلك؟ قال : تجمع أهل مملكتك وأنت على سريرك فترميني بسهم على اسم إلهي ، ففعل الملك ، فقتله ، فقال الناس : لا إله إلا إله عبد الله بن تامر لا دين إلا دينه ، فغضب الملك وأغلق باب المدينة وأخذ أفواه السكك وجعله أخدودا وملأه نارا فمن رجع عن الإسلام تركه ، ومن قال ديني دين عبد الله بن تامر ألقاه في الأخدود وأحرقه ، وكان في مملكته امرأة فأسلمت ولها أولاد ثلاثة أحدهم رضيع فقال لها الملك : ارجعي عن دينك وإلا ألقيتك وأولادك في النار ، فأبت فأخذ ابنها الأكبر فألقاه في النار ثم قال لها : ارجعي فأبت ، فأخذوا الصبي منها ليلقوه في النار فهمت المرأة بالرجوع فقال لها الملك : ارجعي عن دينك وإلا ألقيتك وأولادك في النار ، فأبت أخذ ابنها الأكبر فألقاه في النار ثم قال لها : ارجعي فأبت ، فأخذوا الصبي منها ليلقوه في النار فهمت المرأة بالرجوع فقال لها الصبي : يا أماه لا ترجعي عن الإسلام فإنك على الحق ، ولا بأس عليك فألقى الصبي في النار وألقيت أمه عقبه. وعن وهب بن منبه : أحرق منهم اثني عشر ألفا في الأخاديد ، ثم غلب أرياط على اليمن فخرج ذو نواس هاربا واقتحم البحر بفرسه ، فغرق. وقال محمد ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر : إن خربة احترقت في زمن عمر ، فوجدوا عبد الله بن تامر واضعا يده على ضربة في رأسه إذا أميطت يده عنها أنبعت دما وإذا تركت رجعت إلى مكانها ، وفي يده خاتم من حديد فيه ربي الله فبلغ ذلك عمر ، فكتب أن أعيدوا عليه الذي وجدتم عليه.
وروي عن علي أنه قال : حين اختلفوا في أحكام المجوس : هم أهل كتاب ، وكانوا متمسكين بكتابهم ، وكانت الخمر قد أحلت لهم ، فتناولها بعض ملوكهم ، فسكر ، فوقع على أخته فلما صحا ندم وطلب المخرج ، فقالت له : المخرج أن تخطب الناس فتقول يا أيها الناس إن الله تعالى قد أحل لكم نكاح الأخوات ، ثم تخطبهم بعد ذلك فتقول : إن الله قد حرمه ، فخطب فلم يقبلوا منه ذلك ، فقالت : أبسط فيهم السوط ، ففعل فلم يقبلوا ، فقالت : أبسط فيهم السيف ففعل ، فلم يقبلوا ، فأمرته بالأخاديد وإيقاد النيران وطرح من أبى فيها. فهم الذين أرادهم الله تعالى بقوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ)، (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا) أي وما عابوا من المؤمنين إلا إيمانهم (بِاللهِ الْعَزِيزِ) أي القادر الذي لا يغلب ، والقاهر الذي لا يدفع (الْحَمِيدِ) (٨) أي الذي يستحق الثناء على ألسنة عباده المؤمنين (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، وخزائن المطر ، والنبات (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٩) وهذا وعد عظيم للمطيعين ووعيد شديد للمجرمين (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أي إن الذين أحرقوهم بالنار كما قاله