ابن عباس ، ومقاتل أو أن الذين محنوهم في دينهم بالأذية والتعذيب ليرجعوا عنه ، (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) عن كفرهم وفتنتهم (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) (١٠) أي فلهم في الآخرة عذاب بسبب كفرهم ، وعذاب زائد على عذاب الكفر بسبب إحراق المؤمنين بالنار ، أو عذاب برد ، وعذاب إحراق ، أو فلهم في الآخرة عذاب جهنم ، وفي الدنيا عذاب الحريق حيث ارتفعت عليهم نار الأخدود فاحترقوا بها ، وكان هؤلاء قوما من نجران ، وقيل : من أهل الموصل ، وكان ملكهم يسمى يوسف ، ويقال له ذو نواس (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) من المفتونين وغيرهم (لَهُمْ) بسبب الإيمان والعمل الصالح (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يتلذذون ببردها ويزول عنهم برؤية ذلك مع رؤية الأشجار جميع الأحزان والمضار (ذلِكَ) أي حيازتهم للجنات (الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١) وهو رضا الله تعالى (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ) أي أن أخذه بالعذاب لمن لا يؤمن به (لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) (١٣) أي أنه تعالى يخلق خلقه ، ثم يفنيهم ، ثم يعيدهم أحياء ليجازيهم في القيامة ، فذلك الإمهال لهذا السبب لا لأجل الإهمال ومن كان قادرا على الإيجاد والإعادة كان بطشه في غاية الشدة ، (وَهُوَ الْغَفُورُ) لمن تاب من الكفر (الْوَدُودُ) (١٤) أي المحب لمن أطاع. (ذُو الْعَرْشِ) أي خالقه ومالكه.
وقرئ «ذي العرش» على أنه صفة لربك. (الْمَجِيدُ) (١٥) قرأ حمزة ، والكسائي بالجر على أنه صفة للعرش أو لربك ، والباقون بالرفع على أنه خبر بعد خبر. قال العلماء : إن مجد الله عظمته بحسب الجود الذاتي ، وكمال القدرة ، والعلم ، والحكمة ، ومجد العرش : علوه في الجهة ، وعظمة مقداره ، وحسن صورته ، وتركيبه. (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٦) يدخل أولياءه الجنة لا يمنعه منه مانع ، ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم منه ناصر ، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم ، ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء ، ويعذب من شاء منهم في الدنيا وفي الآخرة يفعل من هذه الأشياء ، ومن غيرها ما يريد على ما يراه لا يعترض عليه معترض ، ولا يغلبه غالب. قال الرازي : «فعال» خبر مبتدأ محذوف وقال الطبري : رفع «فعال» وهو نكرة محضة على وجه الإتباع لإعراب «الغفور الودود». (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) (١٨) أي قد أتاك يا أشرف الرسل خبر الجموع فرعون وقومه ، وثمود ، وعرفت ما فعلوا من الكفر والضلال ، وما فعل بهم من العذاب ، والنكال ، فأنذر قومك أن يصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم ، «وفرعون» ، «وثمود» بدل من «الجنود» فذكر الله تعالى من المتقدمين ثمود ومن المتأخرين فرعون لأن ثمود كانوا في بلاد العرب ، وقصتهم عندهم مشهورة ، وأمر فرعون كان مشهورا عند أهل الكتاب وغيرهم فدل بهما على أمثالهما (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) (٢٠) أي ليست جناية قومك مجرد عدم الاتعاظ بما سمعوا من حديث أولئك ، بل هم مع ذلك في تكذيب شديد للقرآن الناطق بذلك في أنه قرآن من عند الله تعالى مع ظهور حاله بالبينات الباهرة ، والحال أن الله تعالى قادر على