الله من الأوثان وغيرها ، (حَصَبُ جَهَنَّمَ) أي حطب جهنم يرمون فيها ، (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨) أي داخلون فيها.
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين تلا هذه الآية وقال له ابن الزبعري ـ والد عبد الله القرشي ـ : خصمتك ورب الكعبة ، أليست اليهود عبدوا عزيرا ، والنصارى المسيح ، وبنو مليح الملائكة؟ رد صلىاللهعليهوسلم بقوله : «ما أجهلك بلغة قومك ، أما فهمت أن «ما» لما لا يعقل؟» وقد أسلم ابن الزبعري بعد هذه القصة. (لَوْ كانَ هؤُلاءِ) أي أصنامهم (آلِهَةً) كما يزعمون (ما وَرَدُوها) ، أي ما دخلوا النار ، (وَكُلٌ) من العبدة والمعبودين ، (فِيها خالِدُونَ) (٩٩) أي لا خلاص لهم عنها. (لَهُمْ) أي للعبدة (فِيها زَفِيرٌ) ، أي أنين وتنفّس شديد ، (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) (١٠٠) أصوات المعذّبين لشدة الهول وفظاعة العذاب.
وقد جرت عادة الله تعالى ، أنه متى شرح عقاب الكفار أردفه بشرح ثواب الأبرار ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) ، أي الذين سبقت لهم كلمتنا بالبشرى بالثواب على الطاعة ، (أُولئِكَ عَنْها) ، أي جهنم (مُبْعَدُونَ) (١٠١). عن ألمها فإنهم في الجنة. وشتان بينها وبين النار. (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) ، أي صوت جهنم وحركة تلهّبها إذا نزلوا منازلهم في الجنة وهذه الجملة بدل من «مبعدون» ، أو حال من ضميره ، أو خبر ثان ، وهي مذكورة للمبالغة في إنقاذهم منها. (وَهُمْ) أي من تقدم لهم الوعد بالثواب ، (فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ) ، أي تمنت نعيم الجنة ، (خالِدُونَ) (١٠٢) أي دائمون في غاية النعم. (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) ، حين تغلق النار على أهلها وييأسون من الخروج منها ، وحين يذبح الموت في صورة كبش أملح بين الجنة والنار ، وينادى : يا أهل النار خلود بلا موت ، فييأس أهل النار من الخروج منها ، وحين يؤمر بالكافر إلى الذهاب إلى النار. (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) ، أي الحفظة الذين كتبوا أعمالهم وأقوالهم ، على أبواب الجنة بالبشرى قائلين (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (١٠٣). أي هذا الوقت وقت ثوابكم الذي وعدكم ربكم به في الدنيا فأبشروا بفنون المثوبات ، وبجميع ما يسركم بإيمانكم وطاعاتكم. (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ) بنون العظمة.
وقرئ «يطوي» بالياء والتاء على البناء للمفعول ، فالظرف منصوب بـ «أذكر» أو بـ «تتلقاهم». (كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) ، أي يوم نطوي السماء طيا ، كطيّ الطومار للمكتوبات. وقرأ حفص وحمزة والكسائي بصيغة الجمع. والباقون بصيغة الإفراد ، واللام متعلقة بمحذوف وهو حال من السجل ، ومعنى طي الطومار للمكتوب ، كون الطومار ساترا لتلك الكتابة ، ومخفيا لها لأن الطيّ ضد النشر الذي يكشف. (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) ، أي نعيد ما خلقناه أو لا إعادة مثل بدئنا إياه في كونها إيجادا بعد عدم ، أو جمعا للأجزاء المتبددة ، فهو تشبيه للإعادة بالابتداء في تناول قدرة الله تعالى لهما على السواء (وَعْداً عَلَيْنا) أي وعدنا