أي من صلب ماء الرجل ، ومن عظام صدر المرأة ، وقال الحسن : يخرج من صلب الرجل وترائبه ، ومن صلب المرأة وترائبها ، وحكى القرطبي أن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ثم يتجمع في الأنثيين (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) (٨) أي إن الذي خلق الإنسان ابتداء قادر على رده حيا بعد موته. (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (٩) أي يظهر ما أخفي من الأعمال ، وما أسر في القلوب من العقائد ، والنيات ، وهو يوم القيامة. قال ابن عمر رضياللهعنهما : يبدي الله يوم القيامة كل سر فيكون زينا في الوجوه وشينا في الوجوه هذا إن أريد برجعه نشر الإنسان يوم القيامة ، فـ «يوم» ظرف نرجعه فلا يوقف على قوله تعالى : (لَقادِرٌ) وإن أريد برجعه رد الماء إلى الإحليل كما قاله مجاهد ، أو إلى الصلب كما قاله عكرمة ، والضحاك ، أورد الإنسان ماء كما كان قبل كما قاله الضحاك أيضا فـ «يوم» منصوب بمضمر أي واذكر «يوم» فالوقف على «لقادر» كاف كالوقف على «السرائر» إلا إذا جرينا على قول الرازي : إن «يوم» منصوب بقوله : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ) فلا وقف على السرائر (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) (١٠) أي فما للإنسان شيء من قوة يدفع به عن نفسه ما جاء من عذاب الله ، ولا أحد من الأنصار ينصره في دفعه ، (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) (١١) أي ذات المطر بعد المطر حينا بعد حين ، (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) (١٢) أي ذات النبات لأن الأرض تنصدع بالنبات كما قاله الليث. (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) (١٣) أي إن ما أخبرتكم به من قدرتي على إحيائكم في اليوم الذي تبلى سرائركم فيه لقول حق ، (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (١٤) أي ليس ذلك الخبر بالباطل وهذا كما قاله القفال ، لكن أكثر المفسرين قالوا : أي أن القرآن الذي أخبر بمبدأ حال الإنسان ومعاده لقول مبين ، حق ، وقاطع شر ، وليس في شيء منه لعب ، بل كله جد محض فمن حقه أن يهتدي به الغواة وتخضع له رقاب العتاة. (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) (١٥) أي إن أهل مكة يمكرون في إبطال أمر القرآن وإطفاء نوره ، (وَأَكِيدُ كَيْداً) (١٦) أي أقابلهم بكيد قوي لا يمكن رده حيث أمهلهم على كفرهم حتى آخذهم على غرة (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) أي لا تستعجل يا أشرف الخلق بالدعاء عليهم بإهلاكهم (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧) أي أمهلهم على مهلة قريبة إلى يوم القيامة أو أمهلهم إمهالا قليلا إلى يوم بدر فـ «رويدا» إما مصدر مؤكد لمعنى العامل ، أو نعت لمصدره المحذوف.