المحشر ويكشف عنها حتى رآها الخلق ، وعلم الكافر أن مصيره إليها (يَوْمَئِذٍ) بدل من «إذا دكت». (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) ما فرط فيه ويتعظ الكافر ، فيقول : يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ، وهذا جواب «إذا» ، (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) (٢٣) أي ومن أين له العظة وقد فاته أوانها (يَقُولُ) أي الإنسان الكافر (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٢٤) فيا للتنبيه أي ليتني قدمت عملا يوجب نجاتي من النار حتى أكون من الأحياء ، (فَيَوْمَئِذٍ) أي يوم إذ يقول الإنسان ذلك (لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ) (٢٥) أي لا يعذب أحد من الزبانية مثل تعذيب الكافر ، (وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) (٢٦) أي ولا يوثق أحد من الزبانية بالسلاسل والأغلال مثل إيثاق الكافر لتناهيه في كفره وفساده.
وقرأ الكسائي «لا يعذب ولا يوثق» بفتح الذال والثاء أي لا يعذب أحد مثل عذاب الكافر ولا يوثق أحد بالسلاسل والأغلال مثل وثاق الكافر. (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧) بذكر الله وطاعته ، وقرأ أبي بن كعب «يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة» وهي التي لا يستفزها خوف ولا حزن وهذه الخاصة قد تحصل عند الموت عند سماع البشارة من الملائكة وتحصل عند البعث وعند دخول الجنة بلا شك أي يقول الله للمؤمن إكراما له أو على لسان ملك يا أيتها النفس المطمئنة (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) أي إلى ثواب ربك (راضِيَةً) بما أوتيت من النعيم المقيم (مَرْضِيَّةً) (٢٨) عند الله عزوجل في الأعمال التي عملتها في الدنيا ، (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) (٢٩) أي في زمرة عبادي الصالحين المختصين بي ، (وَادْخُلِي جَنَّتِي) (٣٠) معهم ، وقرئ «فادخلي في عبدي» وقرئ في «جسد عبدي» وهذا يؤيد كون الخطاب عند البعث. قيل : نزلت هذه الآية في حمزة بن عبد المطلب ، وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان حين وقف بئر رومة ، وقيل نزلت في خبيب بن عبد الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة ، فقال : اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو قبلتك فحول الله وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوله والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.