سورة ألم نشرح
مكية ، ثمان آيات ، وتسع وعشرون كلمة ، ومائة وثلاثة أحرف
بسم الله الرحمن الرحيم
يروى عن طاوس وعمر بن عبد العزيز كانا يقولان : هذه السورة وسورة الضحى سورة واحدة ، وكان يقرءانهما في الركعة الواحدة وما كانا يفصلان بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم. قال الجمل : ولما ذكر الله تعالى بعض النعم عليه صلىاللهعليهوسلم بقوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) [الضحى : ٣] إلخ أتبعه بما هو كالتتمة له وهو شرح الصدور فقال : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (١) قال في نور المقياس : وهذا معطوف على قوله تعالى : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) [الضحى : ٨] أي ألم نشرح لك يا أشرف الرسل قلبك للإسلام ، ويقال ألم نوسع قلبك للنبوة ، وقال الرازي : استفهم الله عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار ، فأفاد إثبات الشرح فكأنه قيل شرحنا لك صدرك أي بالنبوة وغيرها حتى وسع مناجاتنا ودعوة الخلق. روي أن جبريل عليهالسلام أتاه وهو عند مرضعته حليمة وهو ابن أربع سنين فشق صدره وأخرج قلبه وغسله ونقاه ، ثم ملأه علما وإيمانا ، ثم رده في صدره وشق أيضا عند بلوغه عشر سنين وعند البعثة وليلة الإسراء فمرات الشق أربع على الصحيح ، وإنما ذكر الصدر لأنه محل الوسوسة ، قال محمد بن علي الترمذي : القلب محل العقل والمعرفة ، وهو الذي يقصده الشيطان فالشيطان يجيء إلى الصدر الذي هو حصن القلب فإذا وجد مسلكا نزل فيه هو وجنده وبث فيه الهموم والغموم والحرص فيضيق القلب حينئذ ولا يجد للطاعة لذة ولا للإسلام حلاوة ، وإذا طرد العدو في الابتداء حتى لم يجد مسلكا حصل الأمن ويزول الضيق وينشرح الصدر ويتيسر له القيام بأداء العبودية ، وإنما قال الله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ) تنبيها على أن منافع الرسالة عائدة إليه صلىاللهعليهوسلم كأنه تعالى قال : إنما شرحنا صدرك لأجلك لا لأجلي (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (٣) أي خففنا عنك أعباء النبوة التي تثقل ظهرك من القيام بأمرها والمحافظة على حقوقها بأن يسرها الله عليه صلىاللهعليهوسلم حتى تيسرت له ، وقيل عصمناك عن الوزر الذي يثقل ظهرك ، وقيل : لئن كان نزول السورة بعد موت أبي طالب وخديجة فلقد كان فراقهما عليه صلىاللهعليهوسلم وزرا عظيما ، فوضع عنه الوزر برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه فارتفع له الذكر فلذلك قال تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (٤) أي رفع ذكره حيث قرن اسمه باسم الله تعالى في