والمعنى : ثم رددناه أسفل ممن سفل أي أقبح من كل قبيح صورة وأسفل من كل سافل من أهل الدركات ، وهم أهل النار إلا الذين كانوا صالحين فلا نردهم أسفل سافلين.
(فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) (٧) و «ما» اسم استفهام على وجه الإنكار والتعجب والخطاب للإنسان على طريقة الالتفات أي فما الذي يحملك أيها الإنسان على التكذيب بالبعث بعد ظهور هذه الدلالة الناطقة بالجزاء ، أي فإن خلق الإنسان من النطفة وتقويمه بشرا سويا وتحويله من حال إلى حال كمالا ونقصانا من أوضح الدلائل على قدرة الله تعالى على البعث والجزاء فمن شاهد تلك الحالة ، ثم بقي مصرا على إنكار الحشر فلا شيء أعجب منه وقيل الخطاب للرسول ، و «ما» إما اسم استفهام أو بمعنى من أي ، فأي شيء يجعلك كاذبا بسبب إنكار الكافر الحساب بعد هذه الدلائل ، أو فمن يكذبك بالحساب يا أيها الرسول بعد ظهور هذه الدلائل (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) (٨) يحكم على الكفار بما يستحقونه من العذاب ، أو أليس الذي فعل ما ذكر بأتقن الحاكمين صنعا في كل ما خلق حتى يتوهم عدم الإعادة والجزاء ، فإن عدم إمكانهما يقدح في القدرة وعدم وقوعهما يقدح في الحكمة ، كما قال تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١) [ص : ٢٧] وفي الحديث : «من قرأ والتين إلى آخرها فليقل : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين» أي سواء كان في الصلاة أو خارجها.
__________________
(١) رواه مسلم صفات المنافقين (٣٨) ، وابن حجر في فتح الباري (٨ : ٧٢٤) ، والسيوطي في الدر المنثور (٦ : ٣٧٠) ، وابن كثير في البداية والنهاية (٣ : ٤٤) ، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥٨٥٦) ، والبغوي في شرح السنة (٧ : ٢٧٠) ، وأبو نعيم في دلائل النبوة (٢ : ١٨٩) ، وابن كثير في التفسير (٨ : ٤٦١).