جنس الإنسان لكفور بنعمة ربه كما قاله ابن عباس وغيره ، وهذا بلسان ربيعة ومضر أو لربه لوّام فيعد المصائب ، والمحن ، وينسى النعم ، والراحات كما قاله الحسن ، ويقال : عاص بربه بلسان حضرموت ، ويقال : بخيل بلسان بني مالك بن كنانة ، وقيل : المراد بالإنسان الكافر كما قال ابن عباس : إن هذه الآية نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي ، وقيل : في أبي حباحب أي وهما كافران (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) (٧) أي وإن الرب تعالى على ذلك الصنع لشهيد حافظ ، (وَإِنَّهُ) أي الإنسان (لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي المال (لَشَدِيدٌ) (٨) أي قوي ولطلبه مطيق أو إن الإنسان وهو قرط أو أبو حباحب لأجل حب المال لبخيل ممسك ، (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) (٩) أي أفلا يعلم الإنسان قرط ، أو أبو حباحب في الدنيا أنه تعالى يجازيه إذا أخرج ما في القبور من الأموات ، والعامل في «إذا» ما دل عليه قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) ومعنى علم الله بهم يوم القيامة مجازاته لهم ، وأتى بـ «ما» لأن غير المكلفين الذين في الأرض أكثر ، (وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) (١٠) أي بين ما في القلوب من الكفر ، والإيمان ، والبخل والسخاوة.
وقرئ «حصل» مبنيا للفاعل ومخففا أي ظهر ما في القلوب من الأسرار الخفية. (إِنَّ رَبَّهُمْ) أي الإنسان (بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١) وقوله تعالى : (بِهِمْ) و (يَوْمَئِذٍ) متعلقان بـ «خبير» وجمع الضمير العائد إلى الإنسان اعتبارا بمعناه لأنه اسم جنس أي أفلا يعلم الإنسان أن ربهم عالم بهم يجازيهم في يوم البعث فلا حاكم يروج حكمه ، ولا عالم تروج فتواه يومئذ إلا هو ، وقرأ أبو السمال «أن ربهم بهم يومئذ خبير» بفتح همزة «أن» وإسقاط اللام من «لخبير».
سورة القارعة
مكية ، عشر آيات ، ست وثلاثون كلمة ، مائة واثنان وخمسون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(الْقارِعَةُ) (١) أي الصيحة التي تقرع القلوب (مَا الْقارِعَةُ) (٢) أي أي شيء عجيب هي في الفخامة والفظاعة ، (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) (٣) أي وأي شيء أعلمك يا أشرف الرسل ما شأن القارعة. (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ) و «يوم» مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وحركته الفتح لإضافته إلى الفعل وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين أي هي يوم يكون الناس فيه