سورة الفيل
مكية ، خمس آيات ، ثلاث وعشرون كلمة ، ستة وتسعون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلَمْ تَرَ) أي ألم تخبر يا أشرف الخلق ، أو ألم تعلم علما رصينا باستماع الأخبار المتواترة ومعاينة الآثار الظاهرة (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) (١) قال قتادة : إن قائد الجيش اسمه أبرهة الأشرم من الحبشة ، فقال سعيد بن جبير : هو أبو الكيشوم (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (٢) والهمزة للتقرير أي قد جعل ربك كيدهم في تخريب الكعبة في إبطال بأن دمرهم أشنع تدمير ، (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) (٣) أي طوائف.
روى ابن سيرين عن ابن عباس قال : كانت تلك الطير طيرا لها خراطيم كخراطيم الفيل ، وأكف كأكف الكلاب ، وروى عطاء عنه قال : طير سود جاءت من قبل البحر فوجا فوجا ، وقيل : كانت بلقاء كالخطاطيف كما قالته عائشة ، وقال سعيد بن جبير : كانت طيرا من السماء لم ير قبلها ولا بعدها مثلها. وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إنها طير بين السماء والأرض تعشش وتفرخ (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) (٤) أي طين متحجر مصنوع للعذاب ، وقيل بحجارة من جهنم فإن سجين اسم من أسماء جهنم ، فأبدلت النون باللام (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (٥) أي كورق زرع أكلته الدود ، روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس ، وأراد أن يصرف ليها الحاج ، فخرج من بني كنانة رجل وتغوط فيها ليلا فأغضبه ذلك فحلف ليهدمنّ الكعبة فخرج مع جيشه ، ومعه فيل اسمه محمود كان قويا عظيما واثنا عشر فيلا غيره فلما بلغ قريبا من مكة وهو المغمس وهو في أرض الحل قريب من عرفة خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع ، فأبى وعبأ جيشه وقدم الفيل محمودا فكانوا كلما وجهوه إلى جهة الحرم برك ولم يبرح ، وإذا وجهوه إلى غيرها من الجهات هرول ، ثم رجع عبد المطلب وأتى البيت وأخذ بحلقته وهو يقول :
لا هم إن المرأ يمنع حله فامنع حلالك