سورة الكافرون
وتسمى أيضا سورة المنابذة ، أو المعابدة ، وسورة الإخلاص ، أي
إخلاص العبادة ، وسورة المقشقشة ، أي المبرئة من النفاق. ست
آيات وستة وعشرون كلمة ، أربعة وسبعون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ) يا أشرف الرسل : (يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١).
روي أن الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا محمد هلم حتى نعبد إلهك مدة ، وتعبد آلهتنا مدة ، فيحصل الصلح بيننا وبينك ، وتزول العداوة من بيننا ، فإن كان أمرك رشيدا أخذنا منه حظا ، وإن كان أمرنا رشيدا أخذت منه حظا ، فنزلت هذه السورة فلما نزلت وقرأها على رؤوسهم شتموه وأيسوا منه ، (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢) أي لا أعبد الذي تعبدونه في المستقبل والمعنى : لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم من دون الله من الأوثان ، (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٣) أي ولا أنتم عابدون في المستقبل عبادتي ، أي مثل عبادتي ، أي ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلبه منكم من عبادة إلهي وهو الله الواحد ، (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (٤) أي وما كنت قط عابدا فيما مضى الذين عبدتم فيه ، أي لم يعتد مني عبادة صنم في الجاهلية ، فكيف ترجى مني في الإسلام (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٥) ، أي وما عبدتم في وقت من الأوقات مثل عبادتي ، وإنما أخبر صلىاللهعليهوسلم أولا عن الاستقبال ، لأنه هو الذي دعوه إليه ، فهو الأهم ، فبدأ به ، أما حكايته صلىاللهعليهوسلم عن نفسه فلئلا يتوهم الجاهل أنه صلىاللهعليهوسلم يعبد الأوثان سرا ، خوفا منها ، أو طمعا إليها ، وأما نفيه صلىاللهعليهوسلم عبادتهم ، فلأن فعل الكافر ليس بعبادة أصلا ، وإن كان يعبد الله في بعض الأحوال وإنما قال : (ما أَعْبُدُ) في الرابعة ولم يقل : ما عبدت ليوافق (ما عَبَدْتُّمْ) في الثالثة ، لأن عبادته صلىاللهعليهوسلم قبل البعثة لم تظهر لأحد بخلافها بعدها أما عبادة الكافر قبل البعثة وبعدها فظاهرة عند الناس ، (لَكُمْ دِينُكُمْ) وهذا تثبيت لقوله تعالى : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) ولقوله تعالى : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) ، (وَلِيَ دِينِ) (٦) وهذا تقرير لقوله تعالى : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) والمعنى : إن دينكم الذي هو الإشراك مقصور لكم ، وإن ديني الذي هو التوحيد مقصور لي ، كأنه صلىاللهعليهوسلم يقول : إني نبي مبعوث