سورة أبي لهب
وتسمى سورة تبت ، مكية ، خمس آيات ، ثلاث وعشرون كلمة ، سبعة وسبعون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(تَبَّتْ) أي هلكت (يَدا أَبِي لَهَبٍ) هو عبد العزى بن عبد المطلب ، (وَتَبَ) (١) أي هلك هو ، فالأولى : مشت تمشية الدعاء عليه. والثانية : أخرجت مخرج الخبر ، أي وقد حصل الهلاك عليه ، فهذه الجملة على هذا على تقدير : قد ، ويؤيده قراءة ابن مسعود وقد تب بالتصريح بقد ، وقيل : كل واحد من الجملتين أخبار ولكن أريد بالجملة الأولى هلاك عمله ، وبالثانية هلاك نفسه ، فإن المرء إنما يسعى لمصلحة نفسه وعمله ، فأخبر الله تعالى أنه محروم من الأمرين.
روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صعد الصفا ذات يوم وقال : «يا صباحاه» فاجتمعت إليه قريش فقالوا : ما لك؟ قال : «أرأيتم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقونني؟» قالوا : بلى ، قال : «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» (١) ، فقال : عند ذلك أبو لهب : تبا لك ألهذا دعوتنا! فنزلت هذه السورة.
وروي أنه قال : فما لي إن أسلمت؟ فقال : «ما للمسلمين» فقال : أفلا أفضل عليهم؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بما ذا تفضل؟» فقال : تبا لهذا الدين أستوي فيه أنا وغيري.
روي أنه صلىاللهعليهوسلم لما دعاه نهارا فأبى ، فلما جن الليل ذهب إلى داره مستنا بسنة نوح ليدعوه ليلا كما دعاه نهارا فلما دخل عليه قال له : جئتني معتذرا ، فجلس النبي صلىاللهعليهوسلم أمامه كالمحتاج وجعل يدعوه إلى الإسلام وقال : «إن كان يمنعك العار فأجبني في هذا الوقت واسكت». فقال : لا أؤمن بك حتى يؤمن بك هذا الجدي. فقال صلىاللهعليهوسلم للجدي : «من أنا؟» (٢) فقال : رسول الله. وأطلق لسانه يثني عليه صلىاللهعليهوسلم ، فاستولى الحسد على أبي لهب ، فأخذ بيدي الجدي ومزقه وقال : تبا لك أثر فيك السحر! فقال الجدي : بل تبا لك. فنزلت هذه السورة على وفق ذلك تبت يدا أبي لهب لتمزيقه
__________________
(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٤ : ٣٤٥) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨ : ٢٩٣) ، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٥٦٣٢).
(٢) رواه ابن حجر في تلخيص الحبير (٤ : ٩).