تعالى قال : قل أعوذ برب جميع الممكنات وبمكون المحدثات ، فيكون التعظيم فيه أعظم ويكون الصبح وجبّ النار أحد الأمور الداخلة في هذا المعنى ، (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) (٢) أي من شر كل ذي شر خلقه الرب من إبليس ، ومن جهنم ، ومن أصناف الحيوانات المؤذيات كالسباع والهوام وغيرهما ، (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) (٣) أي ومن شر قمر إذا طلع ، كما أخرجه الترمذي من حديث عائشة قالت : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدي ، فأشار إلى القمر فقال : «نعوذ بالله من شر هذا ، فإنه الغاسق إذا وقب» ، ومعنى غسوق القمر : امتلاؤه فوقوبه دخوله في الخسوف ، أو من شر شمس إذا غربت كما قاله ابن شهاب ، وإنما سميت غاسقا ، لأنها في الفلك تسبح ، فسمي جريانها بالغسق ووقوبها دخولها تحت الأرض ، أو من شر ثريا إذا سقطت ، لأن الأسقام تكثر عند سقوطها وترتفع عند طلوعها ، كما قاله عبد الرحمن بن زيد ، وعلى هذا تسمى الثريا غاسقا لانصبابه عند وقوعه في المغرب ، ووقوبه دخوله تحت الأرض وغيبوبته عن الأعين ، أو من شرحية إذا لدغت (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) (٤) أي ومن شر النساء اللاتي يبطلن عزائم الرجال بالحيل كما اختاره أبو مسلم ، فمعنى الآية : أن النساء لأجل كثرة حبهن في قلوب الرجال يتصرفن فيهم ويحوّلنهم من رأي إلى رأي ، ومن عزيمة إلى عزيمة ، فأمر الله رسوله بالتعوذ من شرهن (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (٥) أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد ، وعمل بمقتضاه كتهيئة مبادي الإضرار بالمحسود قولا أو فعلا.