وأولى منه أنّها حقيقة في الأوّل مجاز في الثاني ؛ لأرجحيّته على الاشتراك ، وكثرة استعمالها فيه. وتحقيقه في غير هذا المحلّ.
واعلم أنّ المصنّف رحمهالله أضاف الهداية إلى مفعولها الثاني ، وهي تتعدّى بنفسها إلى المفعول الأوّل وإلى الثاني بنفسها أيضاً ، وب «إلى» وباللام. ومن الأوّل قوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ) (١) ومن الثاني (هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ) (٢) ومن الثالث (الَّذِي هَدانا لِهذا) (٣).
(والتمست منه) أي : طلبت. ويُطلق على الطلب من المساوي حقيقةً أو ادّعاءً حسب ما يقتضيه المقام (المجازاة على ذلك) التصنيف ، وفي الإشارة إليه بصيغة البعيد توسّع (بالترحّم عليّ عقيب الصلوات ، والاستغفار) وهو سؤال المغفرة (لي في الخلوات) فإنّها مظنّة إجابة الدعوات ونزول البركات (وإصلاح ما يجده) في هذا الكتاب بمقتضى السياق. ويحتمل أن يريد الأعمّ منه ومن غيره ، كما صرّح به في وصيّته له في آخر القواعد (٤) (من الخلل والنقصان) بينهما عموم وخصوص مطلق ؛ فإنّ كلّ نقصان خلل ولا ينعكس.
(فإنّ السهو) وهو زوال الصورة عن القوّة الذاكرة ، أو عدم العلم بعد حصوله عمّا من شأنه أن يكون عالماً (كالطبيعة الثانية للإنسان).
وتوضيح ذلك : أنّ الطبيعة الأُولى للشيء هي ذاته وماهيّته ، كالحيوان الناطق بالنسبة إلى الإنسان ، وما خرج عن ماهيّته من الصفات والكمالات الوجوديّة اللاحقة لها تسمّى (٥) طبيعة ثانية ، سواء كانت لازمةً ، كالضحك والتنفّس بالقوّة للإنسان ، أم مفارقةً ، كهُما بالفعل له ، وسواء كانت لاحقةً بلا واسطة ، كالتعجّب اللاحق للإنسان ، أم بواسطة أمرٍ خارج عنه مساوٍ له ، كالضحك اللاحق له بواسطة التعجّب ، أم بواسطة جزئه ، كالحركة الإراديّة اللاحقة له بواسطة أنّه حيوان.
ثمّ لمّا كان السهو ليس طبيعةً أُولى وهو ظاهر ، ولا ثانيةً ؛ لأنّه أمر عدميّ فإنّ العدم
__________________
(١) الفاتحة (١) : ٦.
(٢) الأنعام (٦) : ١٦١.
(٣) الأعراف (٧) : ٤٣.
(٤) قواعد الأحكام ٢ : ٣٤٧.
(٥) في الطبعة الحجريّة : «سمّي».