وحَكَم جماعة (١) من علمائنا هنا بعدم العود إلى الحمد ؛ لصدق الانتقال عنها ، فيدخل في عموم صحيح زرارة : «إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» (٢).
وهو متّجه ، لكن سيأتي إن شاء الله ما يدلّ على العود.
وأولى منه بعدم العود ما لو شكّ في القراءة وهو قانت ، أو شكّ في السجود وهو متشهّد ، أو في التشهّد وقد أخذ في القيام ولمّا يكمله.
لكن روى عبد الرحمن بن الحجّاج (٣) عن الصادق عليهالسلام في رجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أو لم يسجد ، فقال : «يسجد» (٤) فالعمل به متعيّن ؛ لأنّه خاصّ.
ويدخل فيه التشهّد بطريق أولى ؛ لأنّه أقرب إلى القيام من السجود. وكذا يدخل فيه الشكّ في القراءة على تلك الوجوه وإن كان قانتاً بل وإن هوى إلى الركوع ما لم يتحقّق مسمّاه. وكذا الشكّ في الركوع ما لم يسجد ؛ لأنّ عود مَنْ لم يستَوِ قائماً إلى السجود مع إتيانه في بعض أفراده بمعظم ركن القيام يفيد العود في المواضع الأُخرى بطريق أولى ، فتكون مجموعها داخلةً في مدلول الحديث ، فيخصّص عموم صحيح (٥) زرارة.
وقد بالغ المصنّف رحمهالله وأغرب ، فحَكَم في النهاية (٦) بعود الشاكّ في السجود والتشهّد ما لم يركع كما يرجع الذاكر لعدم فعلهما.
ويدفعه ما تقدّم ، وصحيحة إسماعيل بن جابر عن الصادق عليهالسلام قال : «إن شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شكّ في السجود بعد ما قام فليمض ، كلّ شيء [شكّ فيه] (٧) ممّا جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» (٨).
__________________
(١) منهم : ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٤٨ ، ونقله عن الشيخ المفيد في رسالته إلى ولده ؛ وانظر : المعتبر ٢ : ٣٩٠.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩.
(٣) كذا في الذكرى ٤ : ٦٣ ، وفي المصدر : عبد الرحمن بن أبي عبد الله.
(٤) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٣ ؛ : الاستبصار ١ : ٣٦١ ٣٦٢ / ١٣٧١.
(٥) المتقدّم آنفاً.
(٦) نهاية الإحكام ١ : ٥٣٧.
(٧) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٨) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢ ؛ الاستبصار ١ : ٣٥٨ / ١٣٥٩ وفيه عن الإمام الباقر عليهالسلام.