عبد الرحمن بن الحجّاج ، المقتضي للعود إلى السجود للشاكّ فيه متى لم يستو قائماً ، فإنّ النهوض ليس استواءً في القيام.
لكن بقي هنا مواضع أُخر يقع فيها الاشتباه :
أحدها : الشكّ في السجود وهو متشهّد ، فإنّ مقتضى الجمع والتقرير عدم الالتفات ؛ لأنّ التشهّد فعل محض ، وخبر عبد الرحمن مطلق في العود إلى السجود قبل تمام القيام ، فيشمل ما كان بعده تشهّد وما لم يكن.
وأيضاً فبعض الأصحاب مثل الشهيد (١) رحمهالله ساوى بين الأمرين في وجوب العود ؛ محتجّاً بخبر عبد الرحمن.
ويمكن إخراج هذا الفرد من خبره وتقييده بما لو لم يكن بعد السجود تشهّد بقرينة قوله فيه : رجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أو لم يسجد ، فإنّ عطف الشكّ على النهوض بالفاء المقتضية للتعقيب بغير مهلة يدلّ على عدم تخلّل التشهّد ، بخلاف صحيحة زرارة وإسماعيل بن جابر ؛ فإنّهما دلّتا صريحاً على التعميم خصوصاً قوله عليهالسلام في صحيحة إسماعيل : «كلّ شيء [شكّ فيه] (٢) ممّا جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» وهذا بيان واضح.
الثاني : الشكّ في القراءة وهو قانت ، فإنّ مقتضى الصحيحتين عدم وجوب العود ، ومفهوم قوله في خبر زرارة قلت : شكّ في القراءة وقد ركع ، قال : «يمضي» (٣) أنّه لو لم يكن ركع يعود ، فيدخل فيه ما لو كان قانتاً. وخبر عبد الرحمن يقتضيه أيضاً ؛ فإنّ العود إلى الفعل مع الشروع في واجبٍ وإن لم يكن مقصوداً بالذات قد يقتضي العود مع الشروع في المندوب بطريق أولى.
ويمكن أن يقال هنا : إنّ القنوت ليس من أفعال الصلاة المعهودة ، فلا يدخل في الخبرين.
ولا يكاد يوجد في هذا المحلّ احتمال أو إشكال إلا وبمضمونه قائل من الأصحاب.
__________________
(١) الذكرى ٤ : ٦٢ ٦٣.
(٢) ما بين المعقوفين من المصدر ، وقد تقدّمت الصحيحة في ص ٩٢٨.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ٩٣١ ، الهامش (١).