الأحكام أو غيرهما ، وتاب ، فهل تكون توبته فيما بينه وبين الله تعالى مقبولةً؟ المشهور : العدم ؛ لحكم الشارع بعدم قبولها ظاهراً ، وإجرائه مجرى الميّت فيما يتعلّق بماله ونكاحه.
وقبول توبته باطناً قويّ ، وإلا لزم إمّا عدم تكليفه ، أو تكليف ما لا يطاق. وكلاهما باطل. وكلّ دليل دلّ على قبول توبة العُصاة آتٍ فيه. ولعموم قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا) (١) أثبت لهم إيماناً بعد كفر ، وهو شامل لذي الفطرة وغيرها. وهو اختيار الشهيد (٢) رحمهالله. وثبوت باقي الأحكام عليه من القتل وغيره حسماً لمادّة الجرأة على الارتداد ، وصيانةً للإسلام.
(وكلّ مَنْ فاته فريضة) يوميّة أو غيرها ممّا تقضى سواء كان فواتها (عمداً أو سهواً أو بنومٍ أو سكر أو شرب مرقد أو ردّة) عن الإسلام (وجب) عليه (القضاء) لقوله عليهالسلام : «مَنْ فاته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» (٣) وقوله عليهالسلام : «مَنْ نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها» (٤).
والسكر إذا كان سببه باختيار المكلّف وعلمه يساوي النوم في زوال التمييز ، ويزيد عليه بالعدوان ، فيكون أولى بالقضاء.
ولو تناوله غير عالم بإسكاره أو أُكره عليه أو اضطرّ إلى استعماله دواءً ، فهو في حكم الإغماء ؛ لظهور عذره.
نعم ، لو علم كونه مسكراً لكن ظنّ اختصاصه بوقتٍ خاصّ أو قدر خاصّ فتناوله على غير ما ظنّه ، لم يعذر ؛ لتعرّضه للمسبّب ، مع احتمال عذره.
وهذا الحكم وهو وجوب القضاء على كلّ مَنْ فاتته فريضة ثابت على كلّ حال (إلا أن تفوت) الفريضة (بصغرٍ أو جنون) سواء كان مطبقاً أو دوريّاً بحيث استوعب زمان الجنون وقتَ الصلاة (أو إغماء) على الأشهر (وإن كان) الإغماء (بتناول الغذاء) المؤدّي إليه مع عدم علمه بكونه مؤدّياً (أو حيض أو نفاس أو كفرٍ أصليّ) لا عارضيّ ، كما في المرتدّ (أو عدم المطهّر) من ماء وتراب ، فإنّه لا يجب القضاء في جميع هذه المواضع.
__________________
(١) النساء (٤) : ١٣٧.
(٢) الذكرى ٢ : ٤٣٠.
(٣) أورده المحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ٤٠٦.
(٤) أورده المحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ٤٠٤.