ويؤيّد ذلك حكمهم بعدم إعادة ما صلاه صحيحاً بحسب معتقده وإن كان فاسداً عندنا ، واستشكالهم في عدم إعادة ما فَعَله صحيحاً عندنا مع فساده عنده ، ولو كان السبب هو الصحّة ، كان الجزم بهذا الفرد أولى من عكسه.
وممّا يدلّ على أنّ عبادته ليست صحيحةً وإنّما لحقت الإيمان تبعاً : ما رواه عليّ بن إسماعيل الميثمي عن محمّد بن حكيم قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام إذ دخل عليه كوفيّان كانا زيديّين ، فقالا : جعلنا لك الفداء كُنّا نقول بقول وإنّ الله مَنّ علينا بولايتك ، فهل يُقبل شيء من أعمالنا؟ فقال : «أمّا الصلاة والصوم والحجّ والصدقة فإنّ الله يتبعكما ذلك فيلحق بكما ، وأمّا الزكاة فلا لأنّكما أبعدتما حقّ امرئ مسلم وأعطيتماه غيره» (١) فجعلُ لحوق هذه العبادة لهما بعد الإيمان على وجه الاستتباع للإيمان ، فإذا لم يوجد المتبوع ، زال التابع.
مع أنّ الأخبار متظافرة بعدم صحّة إعمال مَنْ لم يكن من أهل الولاية ، من جملتها : ما رواه الصدوق بإسناده إلى عليّ بن الحسين عليهالسلام «لو أنّ رجلاً عُمّر ما عُمّر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل بين الركن والمقام ثمّ لقي الله عزوجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً» (٢).
وقد أفردنا لتحقيق هذه المسألة رسالة مفردة مَنْ أرادها وقف عليها.
وقد تشكّك بعض الأصحاب في سقوط القضاء عمّن صلّى منهم أو صام ؛ لاختلال الشرائط والأركان ، فكيف تجزئ عن العبادة الصحيحة!؟ (٣) وهذا الإشكال مندفع بالنصّ الدالّ على السقوط ، وإنّما لم يعذروا في الزكاة ؛ لأنّها دَيْن دَفَعه المدين (٤) إلى غير مالكه ، كما أشار إليه في الخبر (٥) ، وليست العلّة هدم الإيمان ما قبله كهدم الإسلام ؛ لأنّه لو كان كذلك ، لم يفترق الحال بين ما فعلوه وما تركوه ، ولا بين الزكاة وغيرها ، كالكافر. ولأنّ الكافر يجب عليه الحجّ إذا استطاع ، دون المخالف.
وفي خبر سليمان بن خالد ما يوهم الهدم ؛ لأنّه قال للصادق : إنّي منذ عرفت هذا
__________________
(١) أورده الشهيد في الذكرى ٢ : ٤٣٢.
(٢) الفقيه ٢ : ١٥٩ / ٦٨٦.
(٣) كما في الذكرى ٢ : ٤٣٣.
(٤) في «م» : المديون.
(٥) أي خبر محمد بن حكيم ، المتقدّم آنفاً.