الأمر أُصلّي في كلّ يوم صلاتين أقضي ما فاتني قبل معرفتي ، فقال عليهالسلام : «لا تفعل ، فإنّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة» (١).
والإجماع واقع على عدم العمل بظاهره ، فإنّ ما تركه المخالف يجب عليه قضاؤه ، إنّما الكلام فيما يفعله.
وقد أوّله الأصحاب (٢) بأنّ سليمان بن خالد كان يقضي صلاته التي صلاها ، فأسماها فائتة باعتبار إخلاله فيها بما أخلّ به من الشرائط والأركان.
وهذا الحديث يؤيّد ما قلناه من أنّ الصلاة فاسدة ، ولكن لا يجب قضاؤها ، مع أنّ في سند الحديث ضعفاً ، فلا يصلح دليلاً على الهدم.
بقي في المسألة بحث آخر ، وهو : أنّ الأصحاب صرّحوا هنا بأنّ المخالف إنّما يسقط عنه قضاء ما صلاه صحيحاً عنده كما قد بيّنّاه. وتوقّف جماعة منهم فيما صحّ عندنا خاصّة ، وفي باب الحجّ عكسوا الحال ، فشرطوا في عدم إعادة الحجّ أن لا يخلّ بركن عندنا لا عندهم ، وممّن صرّح بالقيدين المتخالفين الشهيد (٣) رحمهالله ، وأطلق جماعة منهم عدم إعادة ما صلّوه وفعلوه من الحجّ ، وكذلك النصوص مطلقة ، وإنّما حصل الاختلاف في فتوى جماعة المتأخّرين. والفرق غير واضح.
وأمّا سقوط القضاء عن عادم المطهّر : فلعدم وجوب الأداء ، وتوقّف وجوب القضاء على أمرٍ جديد ولم يثبت ، هكذا استدلّ عليه المصنّف في المختلف (٤).
ومَنْع الأوّل ظاهر ؛ لأنّ القضاء لا يتوقّف على وجوب الأداء ، و (٥) لا ملازمة بين قضاء العبادة وأدائها وجوداً ولا عدماً ، وإنّما يتبع سبب الوجوب ، وهو حاصل هنا. والأمر الجديد حاصل ، وهو قوله عليهالسلام : «مَنْ فاته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته» (٦) ولا يشترط في تسميتها فريضة تعيين (٧) المفروض عليه ، بل هي فريضة في الجملة ، ومن ثَمّ
__________________
(١) أورده الشهيد في الذكرى ٢ : ٤٣٢.
(٢) منهم : الشهيد في الذكرى ٢ : ٤٣٣.
(٣) الذكرى ٢ : ٤٣٢.
(٤) مختلف الشيعة ٢ : ٤٥٨ ٤٥٩ ، المسألة ٣١٩.
(٥) في «ق ، م» : «بل» بدل «و».
(٦) المعتبر ٢ : ٤٠٦.
(٧) في «ق ، م» : تعيّن.